رحلة بين طيات السحاب
لنفترض بأنك أحد المدراء في شركة ما، ستحتاج شركتك بالطبع إلى مجموعة من المعدات الحاسوبية من حواسيب وطابعات وملحقات أخرى، كما أنها ستحتاج إلى مجموعة من البرامج الخدمية المتخصصة بمجال عمل تلك الشركة والتي قد تحتاج إلى تجهيزات حاسوبية متطورة لضمان عملها على الوجه الأمثل،
لذا ستضطر إلى تزويد جميع الموظفين بمعدات مكلفة ستتوضع على مكتب كل منهم، ويبدو أنك ستنفق الكثير على أعمال التركيب والصيانة لتلك المعدات المادية والبرمجية، ألا يوجد حل أفضل؟
يكمن الحل في «الحوسبة السحابية»، المفهوم الحاسوبي الجديد الذي يرى فيه الكثيرون مستقبل أنظمة الحاسوب في كل مكان، قلة قد سمعوا به على الرغم من أن ملايين البشر يقومون بالتعامل مع بعض خدماته في نشاطاتهم الاعتيادية على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم.
التعريف المبسط يقول، بأن «الحوسبة السحابية» هي قيامك باستخدام المصادر الحاسوبية من عتاد مادي أو برمجي، المتوضعة في مكان آخر عن طريق الانترنت، والمقدّمة إليك بشكل خدمة، وما عليك سوى استخدام هذه الخدمة دون أن تهتم بالكيفية التي تعمل بها، فأنت تقوم يومياً وعلى سبيل المثال بالدخول إلى حساب بريدك الالكتروني لتصفح رسائلك الجديدة وإرسال أخرى، لكنك لم تهتم في يوم من الأيام لما خلف هذه الخدمة من آلاف التجهيزات المادية والتوصيلات والبرمجيات والمهندسين الذين يتأكدون من أن كل شيء يعمل بالشكل الصحيح.
اصطلح خبراء الشبكات الحاسوبية منذ زمن على استخدام شكل «السحابة» لتبسيط توصيف البنى الحاسوبية المعقدة والمركبة التي قد تتضمن العديد من التجهيزات المادية والبرمجية، ومن هنا تم اكتساب اسم تلك التقنية، وساهم التطور المتسارع في بنى الشبكات الحاسوبية واتساع رقعة انتشار شبكة الانترنت العالمية في تقدم الأبحاث في مفهوم «الحوسبة السحابية» والوصول إلى نظام حاسوبي يعتمد على نقل كافة البرامج التي يحتاجها المستخدم إلى كيان موحد مؤمن مادياً وبرمجياً يتمثل بـ«السحابة» يتصل مع جميع المستخدمين والأمثلة على ذلك كثيرة : البريد الالكتروني، التخزين السحابي، خدمات الموسيقا السحابية وغيرها الكثير..
قد يتساءل أحدهم: « لماذا هذا العناء؟» والجواب مدعوم بالعديد من المزايا التي تقدمها الحوسبة السحابية فهي تسمح لك بالوصول إلى جميع تطبيقاتك وخدماتك من أي مكان عبر الانترنت، لأن المعلومات ليست مخزنة على قرصك الصلب بل على مخدمات الشركة المقدمة للخدمة، كما أنها تقوم بتخفيض التكاليف على الشركات، حيث لم يعد من الضروري شراء أسرع أجهزة كمبيوتر أو أفضلها ، بل يمكن لأي جهاز كمبيوتر عادي وباستخدام أي متصفح انترنت الوصول للخدمات السحابية التي تستخدمها الشركة.
وعلى الرغم من المخاوف الأمنية التي تثيرها مسألة تخزين عملك الحاسوبي اليومي في مكان بعيد إلا أن التفاؤل يزداد يومياً بمستقبل هذه التقنية لكن ما قد يهمك شخصياً كأحد المستخدمين في المنطقة العربية عند سيطرة هذا المفهوم على الحوسبة التقليدية هو خلو حاسبك الشخصي من أي ملف أو برنامج تحتاجه واضطرارك إلى الولوج إلى تلك الخدمات باستخدام اتصالك الهزيل بالإنترنت .. هذه هي المشكلة!