«مجرمو» الإنترنت يهدّدون العملات المشفّرة

«مجرمو» الإنترنت يهدّدون العملات المشفّرة

من المستطاع النظر إلى تصريح صدر أخيراً من وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين عن العلاقة بين العملات الرقميّة المشفّرة («كريبتو كارانسي» Crypto Currency) والنشاطات الإجراميّة على الإنترنت، بوصفه تعبيراً عن قلق متنامٍ في شأن تلك العملات. إذ حذّر منوتشين من استغلال عملة «بيتكوين» التي تعتبر طليعة الـ «كريبتو كارانسي»، في تمرير نشاطات مالية غير مشروعة.

وقبل ذلك التصريح بقليل، صدر تحذير مماثل من مؤسّسة «غروب – آي بي» Group- IB المتخصصّة في مكافحة الجرائم التقنيّة والتحقيق بها، بما فيها الاحتيال عبر الإنترنت. إذ لاحظت أنّ الأضرار الناجمة عن هجمات القراصنة الموجهة ضد قطاع العملة الرقمية المشفرة يصل إلى ما يزيد على 168 مليون دولار، مشيرة إلى دخل من الهجمات على البورصات الافتراضيّة للعملات الرقمية المشفرة يتراوح بين 1.5 مليون دولار (بورصة Bitcurex) إلى 72 مليون دولار (بورصة Bitfinex).

وفي تقريرها الذي حمل عنوان «اتجاهات جرائم التقنيات المتطورة- 2017»، أشارت المؤسّسة إلى أن كل هجوم إلكتروني ناجح على أحد البنوك يجني قرابة 1.5 مليون دولار كمعدل وسطي. وأكدت أيضاً أنّ القراصنة يستعملون قدرات تقنية عاليّة التخفي الرقمي، التي تشكل إحدى المبادئ الأساسيّة في قطاع العملات الرقمية المشفرة.

اضطراب مسار التحوّل الرقمي

وأوضحت «غروب - آي بي» أن قطاع التعاملات المالية التقليدية يفتقر أيضاً إلى الأمن والسلامة، وتوصلت إلى أنّ الربع الأخير من عام 2017 شهد تعرّض قرابة 228 حساباً مصرفيّاً وألفي بطاقة ائتمان في دولة الإمارات العربيّة المتحدة، إلى الاختراق، مع تسرّب معلومات عن قرابة 5700 حساب مصرفيّ لموظفين في البنوك.

عرض التقرير عينه مشهديّة الجرائم الإلكترونيّة المستهدفة للموارد والتعاملات المالية في المنطقة وتأثيراتها في الأفراد والمؤسّسات، ما يلقي على هؤلاء جميعهم عبء زيادة الوعي بصدد الأمن الإلكتروني والإجراءات الاحترازيّة في العمل عبر الإنترنت. وجرى الإعلان عن نتائج التقرير خلال حدث شارك فيه طارق كزبري المدير الرئيسي في «غروب -آي بي» في الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا وجنوب آسيا.

وحذّر الكزبري من العواقب الوخيمة المترتبة على تحوّل قراصنة الإنترنت نحو تنفيذ أجندات أكثر تطوراّ كالتجسّس والتخريب وسرقة البيانات، وتعطيل البنية الإلكترونيّة التحتيّة، والهجمات الموجهة ضد البنوك، وأنظمة الدفع الشبكيّة، وبورصات العملات الرقمية المشفرة. وأوضح أنّ تأثيراتها لن تقتصر على المؤسّسات وحدها، بل ستطاول الحياة اليوميّة لمواطني الإمارات ومقيميها، خصوصاً التعاملات الماليّة فيها.

وأضاف: «يهدف التقرير إلى تسليط الضوء على الحاجة لزيادة الوعي الأمني في أوساط الأفراد والمؤسسات في القطاع المصرفي والمالي. (وتالياً يرمي ذلك إلى) مكافحة الجهات الفاعلة الخبيثة، وحماية جميع المقيمين في دولة الإمارات العربية المتحدة وضمان سلامة مواردهم وتعاملاتهم الماليّة».

وكذلك أكّد الكزبري أنّ الضرر الأكثر فداحة وخطورة في 2018 ربما تأتّى عبر تدمير بنية تكنولوجيا المعلومات التحتيّة للمؤسّسات المصرفيّة والماليّة. وأوضح أنّ ذلك ربما مثّل الهدف النهائي للهجمات الموجّهة التي يشنّها مجرمو الإنترنت ذوو الدوافع الماليّة، وكذلك قراصنة الـ «ويب» المدعومين من قبل حكومات وجهات رسميّة. واعتبر أنّ ذلك سيكون هدفاً مضافاً إلى جرائم السطو على الأموال.

وخلص كزبري إلى القول إنّ «التحوّل الرقمي المتسارع الذي تشهده المنطقة يجعل من المهم للمؤسّسات تحديد أولويات الإجراءات الأمنية الواجب اتخاذها... إنّ مستوى التهديد الذي نتعرض له جميعاً في الإمارات مرتفع جداً. وقد لاحظنا على مدى العام السابق ارتفاعاً في مستوى كفاءة القراصنة لجهة القدرة على إلحاق الضرر بالبنية التحتيّة الحيويّة، عبر شن هجمات موجهة وواسعة النطاق... ومن شأن ذلك أن يلغي على الفور كل أوجه الكفاءة والتقدّم الذي تحقق من خلال التزامات التحوّل الرقمي وتعهداته».

ولفت الكزبري أيضاً إلى عملية دمج خبرة «غروب – آي بي» ومنصة تملكها المؤسّسة تختص باستخـــبارات التهديدات، ضمن نــــظام رقمي- إيكولوجي موحّد. وأدى ذلك إلى إدماج حـــلول البرمجيات مع الأجهزة الفـــائقة التطور، ما يتيح للعملاء القدرة على مراقبة التهديدات الإلكترونيّة وتحديدها ومكافحتها.

ويعتبر نظام «غروب - آي بي» المصمّم لمراقبة التهديدات الإلكترونيّة وتحليلها من الأكثر تقدّماً عالميّاً، بل حلّ في المقدمة في تصنيفات كبرى وكالات البحوث المتخصصة كـ «غارتنر» (2015)، و «فوريستر» (2017) و «ماركتس آند ماركتس» (2017).