حجم القوة العاملة الصينية تجاوز إجمالي سكان أوروبا
قالت وزارة الموارد البشرية والضمان الإجتماعي الصينية أن عدد خريجي الجامعات الصينية قد ناهز 7.95 ملايين خريج خلال العام الحالي، وتوقعت بأن يخترق هذا العدد حاجز الـ 8 ملايين في عام 2018. ويشير الخبراء إلى أن وضع التوظيف يواجه مشكلتين رئيسيتين تتمثلان في ضغوط عدد طالبي الشغل والتناقضات الهيكلية.
البطالة تحقق أدنى مستوى لها منذ 10 سنوات
واصل وضع التوظيف تحقيق تحسن جيدا، وتوسع نطاقه بشكل مستمر. في هذا الصدد، تظهر بيانات وزارة الموارد البشرية والضمان الإجتماعي، بأن متوسط الزيادة السنوية لعدد الموظفين الجدد في المناطق الحضرية قد تجاوز 13 مليون منذ عام 2012، وحقق زيادة تراكمية ناهزت 65.24 مليون خلال السنوات الخمس الأخيرة،مسجلا زيادة قدرها 7.16 مليون شخص مقارنة بالفترة مابين عام 2007 و2011. كما أظهرت الإحصاءات ذات الصلة أن حجم القوى العاملة في الصين قد بلغ 776 مليون شخص إلى نهاية عام 2016، مايفوق إجمالي عدد سكان أوروبا.
في ذات السياق، قالت بيانات الوزارة المذكورة أن عدد الحاصلين على وظائف خلال الشهور التسعة الأولى من العام الحالي قد بلغ 10.97 ملايين شخص، ماحقق هدف الدولة لكامل السنة. أما عن نسبة البطالة، فتعكس بيانات الفصل الثالث من العام الحالي تراجع نسبتها إلى حدود 3.95%، متراجعة بـ 0.09 نقطة مئوية مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي. مايمثل أدنى مستوى تسجله البطالة في الصين منذ إندلاع الأزمة المالية في عام 2008، كما حافظت نسبة المسجلين في قوائم البطالة خلال العام الحالي على مستوى لم يتجاوز 4%.
من جهة أخرى، حققت نسبة توظيف الخريجين الجامعيين هذا العام إرتفاعا جديدا، وشهد وضع العرض والطلب في سوق الشغل تحسنا جديدا. وتظهر البيانات المتعلقة بوضع العرض والطلب داخل سوق الشغل في 100 مدينة صينية، بلوغ مؤشر التوظيف المقارن (نسبة الطلب مقارنة بنسبة العرض) 1.16 نقطة. مايمثل أعلى مستوى لهذا المؤشر.
ضغوط العدد ستتواصل
"رغم تحسن مستوى التوظيف، لكن لايخفى علينا بأن الصين لاتزال تواجه ضغوطا كبيرة في أعداد التوظيف. خاصة في السنوات القادمة، حيث من المتوقع أن تفوق كمية الطلب على الوظائف في المناطق الحضرية 15 مليون شخص. أكثر من نصفهم من المجازين الجامعيين. وهو مايمثل ضغطا توظيفيا عاليا. ومع العدد الذي لايستهان به للعاطلين المسجلين وفائض القوة العاملة الريفية، ستكون مهمة التوظيف في المستقبل أكثر ثقلا بالنسبة للدولة." يقول أستاذ الإقتصاد بجامعة بكين للعلوم والتكنولوجيا خه وي دا.
"هيكليًا، لاتزال هناك عدة تناقضات بارزة، من بينها عدم معالجة تناقضات صعوبات الحصول على الوظائف وصعوبات الإنتداب." في هذا الصدد يشير المتحدث باسم وزارة الموارد البشرية والضمان الإجتماعي الصينية لو آي هونغ إلى أن العديد من طالبي الشغل يجدون صعوبات في الحصول على وظائف، في ذات الوقت تجد عدة شركات صعوبات في إيجاد الموظفين، وهو مايمثل مشكلة هيكلية بالنسبة لسوق الشغل. وتعود هذه المشكلة الهيكلية إلى عدم تناسب مؤهلات جزء من القوة العاملة مع متطلبات سوق الشغل. إذ في الوقت الذي تتسارع فيه عملية الترقية الهيكلية، لاتزل مؤهلات القوة العاملة غير مواكبة للتغيير. كما تبرز تناقضات نقص الكفاءات التقنية بشكل مستمر، إلى جانب المشاكل المتعلقة بالقوة العاملة المتقدمة في السن وذات المؤهلات التقنية المتدنية.
من جانب آخر، تعد مشاكل جودة العمل إحدى القضايا البارزة التي تحتاج المعالجة. حيث يشير مدير المركز الصيني لأبحاث التوظيف بجامعة الشعب الصينية تسنغ شيانغ تشوان، في بحث أجراه على خريجي المدارس المهنية بمقاطعتي شاندونغ وسيتشوان الذين عملوا لثلاث سنوات بعد تخرجهم،أنه رغم نسبة التوظيف العالية التي تصل إلى 97 % وأحيانا 100%، إلا أن جودة العمل تعد إحدى المشاكل البارزة لخريجي هذه الجامعات. وتتعلق هذه المشاكل أساسا بالراتب، ساعات العمل، محيط العمل، الضمان الإجتماعي، إستقرار العمل وغيرها من المشاكل الأخرى.
خسمة عوامل لرفع معدل التوظيف وجودته
يرى نائب رئيس مركز أبحاث العمالة الصينية والضمان الإجتماعي تشنغ دونغ ليانغ، أن تحقيق التحول الهيكلي والترقية الإقتصادية مع الحافظ على التطور نحوى الإقتصاد عالي الكفاءة، يستوجب النظر إلى العمل على أنه هدف أولي في دفع التنمية الإقتصادية والإجتماعية. والحرص على تحسين وإثراء سياسات العمل، لتحقيق التناسق بين زيادة عدد فرص العمل وسياسات الإقتصاد الكلي.
في هذا السياق، يقول لو آي هونغ أن تنفيذ قرارات المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني يستدعي القيام بجملة من الإجراءات: أولا، التمسك بتنفيذ الإستراتيجيات وسياسات العمل التي تعطي أولوية للتوظيف، لخلق المزيد من فرص العمل، وخاصة فرص العمل عالية الجودة. ثانيا، تنظيم دورات التدريب المهني على نطاق واسع. ثالثا، الحرص على دفع التوظيف من خلال ريادة الأعمال، تحسين مختلف السياسات التحفيزية للإقراض والتمويل وغيرها من الجوانب ذات الصلة. رابعا، حماية حقوق العمال، وخاصة من خلال تأسيس نظام توظيف عادل ومتكامل. أخيرا، تقديم خدمات توظيف عامة ومتعددة الجوانب، وخاصة من خلال دفع نموذج "الإنترنت + خدمات التوظيف العامة".
ويشير الأستاذ خه وي دا إلى أن تأكيد تقرير المؤتمر الوطني التاسع عشر على "رفع جودة التوظيف"، لايقتصر فقط على زيادة عدد فرص العمل، وإنما يقصد أيضا إيلاء أهمية أكبر لجودة العمل. حيث من المتوقع أن يشهد دخل القوة العاملة ومستوى الضمان الإجتماعي تحسنا ملحوظا.