في دراسة جديدة.. "أنواع حيوانية تهدد البيئة"!
كشفت دراسة حديثة أن بعض الأنواع الحيوانية "الغازية"، أي تلك التي تغزو وتجتاح الأنظمة البيئية وتنمو فيها بشكل مفرط وتؤذيها، مثل الثعابين والجرذان، تنمو أولاً في المناطق ذات الكثافة البشرية وخصوصاً في الجزر وعلى السواحل. وإن انتشار هذه الأنواع يهدد بعض البيئات، ويكون سبباً في تغييرها، وأذيتها!
وحسب هذا الإحصاء العالمي الذي يعتبر الأول من نوعه، تتركز هذه الأنواع الحيوانية في هاواي والجزيرة الشمالية من نيوزيلندا، والجزر الصغيرة في أندونيسيا. حيث تضم جزر هاواي عدداً كبيراً من هذه الأنواع التي ظلت لوقت طويل غير معروفة، منها الجرذان والخنازير البرية.
ومعظم هذه الأنواع تصل إلى مناطق جديدة بسبب الإنسان وأحياناً يكون ذلك عن قصد. ورغم أن الأنواع الجديدة التي تدخل النظام بيئي ليست كلها ضارة. لكن الضارة منها تساهم في ظاهرة تراجع الحياة البرية في العالم. فعلى سبيل المثال، صارت غابات جزيرة غوام في المحيط الهادئ صامتة بعدما اختفت منها الطيور على مدى خمسين عاماً بسبب ثعبان ليلي يفترسها.
وفي جزر المحيط الهادئ أتت شجيرات موريلا فايا التي تنمو سريعاً في ماكرونيزيا على أنواع من النبات، أما البعوض الذي دخل المنطقة في القرن التاسع عشر، فقد قضى على نصف أعداد الطيور المدارية المستوطنة.
وتعد فلوريدا المنطقة الساحلية الأكثر عرضة للتهديد في العالم من مئات من الأنواع "الغازية" الآتية من خارجها، منها أسماك السلوريات التي يمكن أن تبقى ساعات خارج الماء، والإيغوانا الضخمة وهي نوع من الزواحف ذات الحراشف، والأفاعي، والحلزونيات العملاقة الآتية من إفريقيا.
ولا يقتصر خطر الأنواع "الغازية" على هذه المناطق، بل يمتد أيضاً على ساحل كاليفورنيا وشمال أستراليا وأوروبا، وخصوصا فرنسا التي تجتاحها الضفادع، وألمانيا التي تجتاحها العناكب، وبريطانيا من بعض الأنواع النباتية، وإيطاليا من أسماك المياه العذبة.
وتُظهر الخارطة العالمية التي أعدها الباحثون في جامعة (دورهام،Durham) البريطانية دور الإنسان في انتشار هذه الأنواع. يقول واين داوسون المشرف على هذه الدراسة المنشورة في مجلة (Nature and Ecological Evolution): "أظهرنا أن المناطق ذات الكثافة السكانية، والمناطق الغنية تضم عدداً أكبر من الأنواع الغازية".
وغالباً ما يكون الإنسان سبباً في وصول معظم هذه الأنواع إلى مناطق جديدة، لهدف ما، ولكن النتائج تأتي مغايرة لما يريده، فقد عمد مالكو الأراضي في هاواي لجلب النمس بهدف القضاء على الجرذان التي تؤذي حقول القصب. لكن الخطة لم تنجح، لأن الجرذان تنشط في الليل. في المقابل قضى النمس على أنواع من الطيور المحلية. وفي حالات كثيرة وصلت الأنواع "الغازية" إلى بعض الأماكن مع قوافل الشحن مثل الدبور الآسيوي الذي وصل إلى أوروبا قبل أكثر من عشر سنوات في شحنة من الفخار الصيني.
ويؤدي إفراغ مياه الصابورة في البحر، وهي حمولة من الماء على متن السفن لتعديل توازنها أثناء الحمل والتفريغ، إلى نقل أنواع من السمك من أماكن بحرية إلى أخرى، وأيضا أنواع من البكتيريا والفيروسات. وقد أُقرت اتفاقية دولية، تفرض على السفن معالجة مياه الصابورة، وستدخل هذه الاتفاقية حيز التنفيذ في أيلول المقبل. ووفقاً لدراسة فرنسية نشرت في العام 2016، فإن الخسائر الاقتصادية بسبب الحشرات الغازية وحدها تبلغ 69 مليار يورو شهرياً في العالم، بينما يؤكد الباحثون أن الرقم الحقيقي أكبر من ذلك بكثير.
يقول داوسون "نحن نوشك على تحويل العالم إلى قارة واحدة" كما كان الحال قبل 335 مليون سنة. مضيفاً أن: "التبعات ستكون خطيرة، منها ظهور أنواع جديدة من خليط مما هو موجود، وأنظمة بيئية متغيّرة، وانقراض عدد من الأنواع".