وجدتها:الفقر هو أكبر ملوث للبيئة
يقول الدكتور أسامة الخولي في كتابه البيئة وقضايا التنمية والتصنيع: «الفقر هو أكبر ملوث للبيئة»، في إشارة واضحة إلى دور العامل الطبقي ودور دول الشمال الرأسمالية ومسؤوليتها في عمليات التلوث الجارية في هذا العالم.
«يبدو أن كارثة مصنع شركة يونيان كاربايد في مدينة بوبال الهندية التي توفي فيها أكثر من ألفي شخص وأصيب مائة ألف آخرون بإصابات بالغة، ستكون بداية عملية مراجعة شاملة لموقف الدول النامية من قضية حماية البيئة التي شغلت الدول المصنعة منذ عقد الستينات حتى الآن.
بدأ الاهتمام الملحوظ على المستوى العالمي بقضية حماية البيئة في دول الشمال المصنعة في الستينيات، عندما أثيرت مسألة الأمطار الحمضية التي سممت مصادر المياه العذبة في السويد، وأثرت في غاباتها، وعندما تبين من الدراسة أن مصدر هذا التلف البيئي هو الغازات المنبعثة من مداخن محطات القدرة والمصانع في أمريكا الشمالية، على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، وبهذا اكتسبت المسألة بعداً عالمياً يتجاوز الحدود السياسية للدول والاعتبارات الجغرافية المحلية. ولقد سبقت هذا بسنوات قلائل ظواهر (محلية) لتدهور البيئة نتيجة أنشطة التنمية الاقتصادية-الاجتماعية، وعلى رأسها التصنيع المكثف والتجمعات الحضرية التي غزت الريف وغيرت معالمه. ونتج عن هذا الاهتمام المتزايد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة عقد مؤتمر عالمي عن البيئة في صيف عام 1972. وفي إطار الإعداد للمؤتمر عقدت عدة لقاءات تمهيدية في الأشهر السابقة لانعقاده، وكان من بينها اجتماع، يعد الآن علامة تاريخية في تطور حركة الحفاظ على البيئة، في مدينة فونيه بالقرب من جنيف في سويسرا، ففي هذا الاجتماع برزت فروق جوهرية بين موقف دول الشمال المصنعة من الموضوع، وموقف الدول النامية التي ما زالت تسعى إلى تطوير مجتمعاتها وتحسين نوعية الحياة لمواطنيها: فقد كانت وجهة نظر هذه الأخيرة أن المشاكل التي وردت ليست مشاكل الدول الآخذة بسبل النمو، وأن القضية- بالصورة التي تطرح بها ليست من بين أولويات اهتمامات هذه الدول التي ما زالت تخطو خطواتها الأولى في التصنيع. وأبرزت المناقشات وجهاً آخر جديداً تماماً للقضية. ركز على اتساع مفهوم البيئة ليشمل البيئة الاجتماعية إلى جانب الطبيعية. ورفع للمرة الأولى الشعار القائل بأن (الفقر هو أكبر ملوث للبيئة)»