حفلة غسيل كبيرة
عندما تتحدث المقالات عن غسيل الدماغ، تحاول التركيز وفهم القضية، هل تعرضت أنا لغسيل الدماغ يوماً ما؟ وتبدأ بالشك، وعندما تصل إلى نهاية المقالة، تصل إلى يقين بأن المقالة بحد ذاتها نوع من غسيل الدماغ.
لكن، هل بقي لدينا ما هو صالح للغسيل؟
استطاعت فترة ما قبل الأزمة أن تحضرنا لها بشكل أو بآخر من خلال انتشار نمط حياة استهلاكي قادر على خلع ما تبقى لدينا من إنسانية وارتباط حقيقي بهموم الناس.
وجاءت الأزمة لتخلع الجرعة الأخيرة من إنسانيتنا، وتبقي لدينا فجوات كبيرة من الشك.
وتسحب من الفضاء النفسي الذي نعيشه، كل الأسئلة الثانوية، وتبقي على الأساسيات فقط.
هل سأبقى على قيد الحياة؟ هل يمكنني أن آكل غداً؟ هل سأتمكن من تدفئة جسدي في هذا الصقيع؟ هل سأرى النور بعد انقطاع الكهرباء لأشهر؟ هل ما زالت الحياة مستمرة خارج كوكبنا المصغر؟ هل ما زال البشر يذهبون إلى الحقول؟ أما زالت الأبقار تسرح في البساتين؟ أما زالت الأنهار تجري خارج قوقعتنا؟
هل ما زال البشر يرتادون السينما؟ ويتمشون على الطرقات الريفية؟ ويحبون ويضحكون.
تم مسخ الحياة البشرية (دون غسيل دماغ) لتصل إلى الحدود الدنيا للحياة وللدماغ بحد ذاته.
اختزال واختزال إلى حدود العيش البشري، يجعل الرغبة في الحياة قريبة إلى الذكرى، ويجعل من لا يملك شيئاً لا يخاف من فقدان شيء.
ذكريات الحياة ستعود، ولكننا لن نتمكن بسهولة من تبديد شبح يقلق منامات الشباب يذكر بالحرب، نحن بحاجة إلى حفلة غسيل كبيرة.