في الخيال العلمي
كما يحدث في أفلام الخيال العلمي التي درجت وشاعت منذ خمسينيات القرن الماضي، نرى بعض الأشخاص الذين يختطفهم الفضائيون، أو يُسحبون بطريقة الشفط إلى الفضاء، ربما يعودون بعد عشرات أو مئات السنين، دون أن تظهر عليهم آثار السنوات، فمرور الزمن في الفضاء ليس بالسرعة بنفسها التي يمر بها على الأرض (ويشير سيناريو الفلم إلى نظرية اينشتاين بالطبع).
تصلك رسالة من أحد الأصدقاء البارزين في العلم، في الفن في كل مجالات الحياة، أنا الآن في الدولة الفلانية وفي طريقي إلى الدولة الفلانية، ليس الفضائيون من اختطفوه.
تنزل الأخبار على الرأس بمشاعر متناقضة إلى أقصى الحدود، تحزن من أعماق قلبك لأننا فقدنا عقلاً مفعماً بالحيوية والنشاط، بالأفكار الخلاقة والمبدعة، تحزن لأنك فقدت عينين لامعتين، يدين محنكتين، عقلاً براقاً، تفرح لأن أحزانه الصغيرة قد تتوقف، أحزان الجوع والبرد والرعب والخوف على الأطفال، والخوف من كل ما يدور، وتجزع لأن أحزانه الكبيرة قد بدأت، أحزان الفقد والشوق للذكريات الدقيقة، لناصية شارع مسودّ تبدو بعد أشهر من الغربة أجمل ناصية عرفها المرء في حياته، لجلسة على فنجان قهوة صباحي في حديقة منزل صغيرة، ستبدو بعد سنة كأحلى الجلسات التي جلسها في عمره الغض.
تتمنى لو كان هذا مشهداً في فلم للخيال العلمي، لو كان حلماً يمكن الاستيقاظ منه، لو كان لو كان...
لكنه واقع فج قاس مرير لا يعرف الاحتمالات التي تمنحك شعوراً بالحياة.
نعم يغادرنا مبدعونا وعلماؤنا واحداً تلو الآخر، يقاومون في رغبة البقاء حتى الرمق الأخير.
فلنعطهم بصيص أمل حتى لا يرحلوا في لحظة الحل، حتى لا تتسرب آخر قطرة من اليأس إلى نفوسهم الغضة اليانعة.