زمن الانتصار الأمريكي ولى:نهاية «نهاية التاريخ»..!
رغم أنّ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وانتخاب ترامب كرئيس للولايات المتحدة، يشيران إلى أشياء أكثر من الغضب الشعبي، كرهاب الأجانب والتوتّر الثقافي، فإنّها علامة على بداية نهاية الليبرالية الجديدة وعلى ظهور رؤية رأسمالية منافسة.
تعريب: عروة درويش
ترفض هذه الرؤية- في أدبياتها على الأقل- عاملين مركزيين في تأسيس الرأسمالية العالمية المعاصرة: بنية التجارة العالمية التي تعمل من خلال مؤسسات مثل «نافتا- اتفاقية التجارة الحرّة في شمال أمريكا»، والتحالفات بين الدول والتي تدعم الأهداف والرؤى الأمريكية الجيوسياسية لعقود طويلة.
حقبة الهيمنة قد انتهت
لا يعني انحسار الليبرالية الجديدة بالتأكيد انحسار الرأسمالية، فما الذي يعنيه القول: إنّ النيوليبرالية قد تخطّت فترة صلاحيتها؟ بعد كلّ شيء، ليست الليبرالية الجديدة مجرّد مجموعة من السياسات التي يمكن التوقّف عن ممارستها، واستبدالها بشيء آخر، فقد أنجبت اقتصاداً عالميّاً معقّداً لن يتغيّر بين عشيّة وضحاها. إضافةً إلى ذلك، فإنّ الليبرالية الجديدة هي أيضاً: مجموعة شاملة من الأفكار الموجهة، التي تمتدّ إلى جميع مناحي الحياة. ولا تزال أخلاقياتها الأساسية، في الإيمان بالمشروعات الخاصّة، والاستمرار بالتوسّع بالتسليع، وجعل الفردية أوليةً، متينة.
لكنّ ترامب، خطابياً على الأقل، قام بتحقير ركنين أساسيين للهيمنة الأمريكية: مؤسسات واتفاقيات «التجارة الحرّة» القائمة، والتحالفات التي تدعم الزعامة الرأسمالية الأمريكية. خلق هذا أزمةً شرعيةً عميقةً في الأفكار السائدة التي تقود الرأسمالية العالمية.
الآن، إن كان ترامب يهمّ بتدمير هذه المبادئ، فهو أمرٌ يحتاج إلى نظر. تبدو حكومته في هذه اللحظة غارقة في مستنقع: توجّه القاعدة الإرثية فريقه الانتقالي واختيارات حكومته، بحيث إنّها وفي معظم أجزائها تلائم بشكل مريح أيّة إدارة من الجمهوريين.
إضافةً إلى ذلك، تفتقد خارطة الطريق التي وضعها ترامب- مثل: خطّة الشراكة بين القطاعين العام والخاص، لإجراء إصلاحات في البنية التحتية بقيمة ترليون دولار، أو إعادة كتابة بنود «نافتا» لفرض 35% كتعرفة جمركية على البضائع التي تصدرها شركات أمريكية، تعمل في المكسيك إلى الولايات المتحدة- إلى معقولية حتمية، نظراً لتركيبة الكونغرس، وللتكامل العملي العميق، بين سلاسل القيمة العالمية والإقليمية.
ومع ذلك، فإنّ هذه الرؤية المنافسة تملك نظرية الطريق الثالثة، الملتزمة بما اجتمع عليه الحزبان لمدّة ثلاثين عام.
قال فرانسيس فوكوياما بشكل صريح في مقال لاحق للانتخابات: «يمثّل انتصار ترامب المدهش على هيلاري كلينتون نقطة تحوّل ليس في السياسة الأمريكية وحسب، بل في النظام العالمي بأكمله». وفوكوياما هو صاحب التسمية الشهيرة «نهاية التاريخ» التي أطلقت على سقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفييتي- وهي العبارة التلطيفية التي تشير إلى انتصار الرأسمالية العالمية على طريقة الولايات المتحدة. انتهت هذه الحقبة اليوم، فوفقاً لفوكوياما: «يبدو بأننا مقبلون على الدخول في حقبة جديدة من القومية الشعبية».
مقارنة فوز ترامب بسقوط جدار برلين، كانت من العبارات شائعة الاستخدام عقب الانتخابات. يرى رئيس قسم الشؤون الخارجية في صحيفة «فايننشال تايمز»، غيديون راكمان: «من الرمزي والمؤثر أنّ انتخاب دونالد ترامب قد تأكّد في صباح 9 تشرين الثاني، وهو تاريخ سقوط جدار برلين قبل 27 عام. تلك كانت لحظة انتصار لقيادة الولايات المتحدة- وبشرّت بفترة أمل، وامتداد للأفكار الديمقراطية والليبرالية حول العالم. لقد أنهى فوز السيّد ترامب تلك الحقبة دون شك».
كتب الصحفي السياسي، تشارلز كراوثامر، شيئاً مشابهاً في صحيفة «واشنطن بوست»: «منذ خمسة وعشرين عاماً- كانون الثاني 1991- ماتت الشيوعية، وانتهت الحرب الباردة... أشار ذلك الفجر إلى الانتصار المطلق لفكرة الديمقراطية الليبرالية. وعد ذلك بحقبة من الهيمنة الغربية التي تقودها أميركا البارزة، القوّة العظمى الوحيدة الباقية... تلك الحقبة انتهت»!
بالنسبة لصنّاع الرأي هؤلاء، فإن موت العالم الليبرالي الذي تلا حقبة الاتحاد السوفييتي أمرٌ سيء. فهذا العالم يمثّل بالنسبة لهم شيئاً عظيماً رُمي بعيداً بنوبة من الغباء.
ينوح الليبراليون، بأنّه بات لدينا بدلاً من الحرية أولاً، أميركا أولاً، وبدلاً من المثالية قومية ترامب الضيقة، والتي سمح بها جيل «جعلته الأطعمة السريعة بديناً، وجعلته برامج تلفزيون الواقع غير ناضج».
لكن تماماً، وبالطريقة نفسها التي نسـج فيها ترامب خيال تجديد العظمة، فإنّ الليبراليين، أثناء نواحهم على العقود الثلاثة الماضية، قد انخرطوا بتفكير آمال خاص بهم. إنّ عناصر الثنائية الحزبية التي أدّت للهيمنة- العولمة والتحالفات الدولية- والتي دعمت «القرن الأمريكي» هي نفسها التي أنتجت التناقضات التي تفسّر فوز ترامب.
العولمة وسخطها!
لننظر إلى بنية التجارة العالمية. اجتمعت الطبقة الثريّة في الثلاثين عاماً الماضية على أنّ إنقاص العوائق في وجه التجارة والإنتاج ورأس المال هي أمور أساسية في الحرية والازدهار. يتمّ إنكار العولمة اليوم من أناس محترمين من أصحابها، وهم لا يقتصرون على البابا. أصرّ رئيس الوزراء الكندي، جستن توردو، مؤخراً على أنّ: «ما نواجهه الآن- بخصوص نمو الشعبوية والروايات المثيرة للخوف، والاختلاف حول العالم- يدور حول حقيقة أنّ العولمة لا تبدو ناجحةً بالنسبة للطبقة الوسطى، وبالنسبة للناس العاديين».
حلّت حكومة الولايات المتحدة أزماتها على ظهور العمّال: فقد ساعدت على التصرّف بحرية في إعادة هيكلة عملياتها، وطرد العمّال، والمطالبة بالتنازلات النقابية. لقد ألغت الضوابط المالية، وفتحت سبل التربّح كافةً. لقد شحذت عجلاتها عبر العسكرة والإنفاق على الديون.
البنية التجارية والمالية العالمية، التي ظهرت في الثمانينيات والتسعينيات، ضمنت إمكانية حصولك على جهاز «آي فون» في الموعد المحدد في الميلاد، لكنّها كانت بمثابة مِهدّة دمرت الاقتصاد ومجتمعات الطبقة العاملة. وباتت فوضى العملة والديون المتصاعدة، والتجريد من التصنيع، والدمار البيئي، والاستغلال، ونزع الملكية، هي القاعدة في نظام العالم الليبرالي الذي ينتحبون عليه الآن.
تجلّت هذه التناقضات في عشرات الأزمات المالية في التسعينيات، والألفية الثانية في بلدان مثل: الأرجنتين والمكسيك وروسيا وكوريا الجنوبية. جلب عام 2008 أزمة قزّمت الأزمات السابقة من حيث حجمها ونطاق تأثيرها، حيث ضربت العالم بأكمله، وجرّت أوروبا إلى مستنقعها عام 2010، وأدّت إلى رفع أسعار الغذاء العالمية بشكل كبير.
ورغم أنّ الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي، والمؤسسات التي خلقاها، قد أبقت الأمور سائرةً، وأخمدتا الحرائق، وأصرّتا على أنّ العراقيل قد تمّ حلها، فإنّ الحقائق تتحدّث عن نفسها.
إنّ مشاركة القوى العاملة في الولايات المتحدة متدنيّة، وباتت «العولمة» هي العدو رقم واحد. شهدت العقود القليلة الماضية تلكؤاً حقيقياً في الأجور ثمّ انخفضت بالنسبة لمعظم العمّال. كان على العائلات أن تعمل بجهدٍ أكبر ووقتٍ أطول للبقاء في مكانها، ولم يستطع الكثيرون أن يتدبروا أمرهم. الوظائف الجيدة- ذات الساعات الإنسانية، والأجور المعقولة، والمنافع- نادرة، والقلق من الاقتصاد دائم. يحقق الأثرياء المكاسب- مدعومين بتخفيضات الضرائب، وإعانات الشركات، وعمليات إنقاذ المصارف- بينما يبقى الفقراء والعمّال على الهامش. كما قال رايك: «قد تكون المؤشرات الاقتصادية الأخيرة عاليةً، لكنّ هذه المؤشرات لا تعكس حالة عدم الأمان الذي يستمرّ غالبية الأمريكيين بالشعور بها، ولا التعسّف الجلي والظلم اللذين يختبرانهما».
لننظر إلى اتفاقيّة تجارة «الشراكة العابرة للمحيط الهادئ»- والتي يصفها باربر بدقّة بأنّها: «صرحٌ جيوسياسي ضخم، فضلاً عن كونه اتفاق تجارة». رأى المدافعون عن الاتفاقية بأنّها طريقة لحماية النظام الذي بنوه منذ الثمانينيات- نظام تجارة عالمي لرأس المال، ولكنّه يعمل بشدّة أيضاً لمصالح حماية الدول الثريّة والشركات العابرة للحدود.
عنت حماية النظام إبقاء الصين خارج الصفقة، وبالتالي الحدّ من إمكاناتها التنافسية المدمرة. لكنّ جوقة أصوات متزايدة لم تعد تريد حماية النظام بعد الآن. في نهاية الأمر، لم يدمّر ترامب الاتفاقيّة. عكست معارضته للاتفاقية المشاعر الساحقة المتجذرة في الغضب الشعبي على تكاليف وفوائد العولمة.
الآن، بعد أن أصبحت الاتفاقية ميتة بشكل عملي، تدفع الصين باتجاه اتفاقيتها الإقليمية الخاصّة بها- الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة- وتهتمّ بها بلدانٌ مثل اليابان وروسيا. ولنوضّح الأمر بلطف: إنه احتمال مرعب بالنسبة لأبطال نظام العالم الليبرالي.
القبضة الحديدية في القفّاز المخملي
تأتي مسألة الصين بالنصف الآخر من شطيرة هيمنة الولايات المتحدة، التي تتذكرها الطبقة الثريّة بكل فخر: التحالف الذي دعّم نظام الأموال والتجارة العالمي. إنّها تمثّل القبضة الحديدية في القفّاز المخملي- المؤسسات والترتيبات التي تنسجم مع الرؤية والأهداف الأمريكية، سواء عن طيب خاطر أو بالقوّة.
مثل جميع مشاريع الهيمنة، لطالما اعتمدت أمريكا على كلا عنصري الطواعية والإكراه كليهما. مزجت حكومة الولايات المتحدة هذين العنصرين بمهارة في العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية، من خلال تكتيكات امتدّت من إقامة مجازر وحروب شاملة وغزوات سريّة وتعذيب وعمليات مغطّاة، إلى عقوبات ودبلوماسية واتفاقيات مشتركة مثل: منظمة التجارة العالمية، ونافتا، والناتو. الطواعية والإكراه، كانا الين واليانغ في سطوة الولايات المتحدة- نموذجٌ من السطوة في العقود الثلاثة الماضية، خبّأ جوانبه القذرة خلف الكفاءة الظاهرية والحياد والنيوليبرالية والديمقراطية الليبرالية.
يقول ترامب: إنّ نموذج السطوة هذا لم يعد يجعل من أمريكا عظيمةً بعد اليوم. فبعد أن أغضبه تجاهل وقلّة احترام تابعي العالم الجاحدين، وعد بأن يقوم بكلّ شيء وحده. إنّه يتحدث بالهاتف مع تايوان بدلاً من أن يتحدث مع تيريزا ماي، ويصادق بوتين، ويهدد بوقف تمويل الناتو، ويهاجم الصين بشكل علني.
رغم ذلك، يشير فوز ترامب إلى أزمة شرعية عميقة في الأيديولوجيا الحاكمة، ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى كونه ليس وحده. إنّه على رأس مجموعة متنامية من «اليمينيين» الذين يتحدثون بالنغمة القومية ذاتها. وكما يقول باربر، فإنّ ترامب يمنح «العون للديماغوجيين الذين يقفون بالانتظار» أمثال لوبان.
ترفض الدول بشكل متزايد نموذج «الطريق الثالث» للحدود المفتوحة والإدماج. هذا تحوّل مهم. في العقود التالية للحرب العالمية الثانية، كان يُنظر إلى المزيج الأمريكي من الطواعية والإكراه على أنّه نموذجٌ قيّم وقابل للحياة. انضمت البلدان حول العالم لهذه الرؤية لأنّها وفّرت النمو والازدهار، واعتبرتها شعوبها شرعية- الدول التي لم تنتفع أو عارضت قواعد اللعبة، أي البلدان الفقيرة والمستعمرات والدول الواقعة ضمن الكتلة السوفييتية، إمّا تمّ قمعها أو استبعادها. بعد تصحيح العراقيل في السبعينيات، أعادت اتفاقيات تجارية جديدة تنشيط تحالفات جيوسياسية، وفي هذه الأثناء أعاد ترسيخ الاتحاد الأوروبي، ودينامية الهند والصين، إحياء هيمنة الولايات المتحدة.
لكنّ تناقضات هذه النهضة ولّدت أزمةً شرعيةً لا يمكن التغطية عليها عبر عمليات إنقاذ المصارف والتسهيل الكمّي، المشهد الجيوسياسي العالمي اليوم مؤلم على نحو متزايد. في الواقع، يظنّ باربر بأنّ فوز لوبان عام 2017: «سيؤدي بكل تأكيد إلى إطلاق رصاصة الرحمة على الاتحاد الأوروبي». لقد ثبتت استحالة السيطرة على التكاليف السياسية والاجتماعية للعولمة، والتمويل للنيوليبراليين على المدى الطويل.
تخطي المأزق!
أزمة الشرعية هذه هي التي أنجبت ترامب، والطبيعة المشوشة لرؤيته تتحدّث عن المأزق الذي وجدت الدول نفسها فيه. تمّ النظر إلى الطبقة الثريّة المعتدلة وتحالفاتها الحزبيّة على أنّها مفلسة وميؤوس منها، وليس لليسار قوّة يفرض فيها مطالبه. ترك هذا «اليمين» ليكون هو المتحدّث باسم غضب ومخاوف العمّال، لكنّ ذلك «اليمين» هو نفسه منقسم بين الطبقة الثريّة الرأسمالية وبين المحافظين الاجتماعيين. وهنا أتى ترامب واغتنم الفرصة، وهو الرأسمالي الذي انتهز الفرصة ليتحدّث باللغة المرتبكة التي تعبّر عن رؤية الجمهور اليميني الغاضب.
هذا هو سبب تعالي صوت التشبيه ببريكزت، من قبل المراقبين. لقد زودتهم بسلسلة مترابطة من الأزمة العميقة متعددة الأبعاد. لسوء الحظ فقد أظهرت بريكزت أيضاً الاستراتيجية التي فازت حتّى الآن بالتعامل مع الأزمة، وهذه الاستراتيجية- المليئة بالكراهية والخوف- سيئة.
لكن النيوليبراليين النائحين جميعهم متساوون بالوهم، إن اعتقدوا بإمكانية عكس الزمن. ليس ترامب من خلق أزمة النيوليبرالية، فهو ببساطة أطلق الرصاصة الأخيرة على نموذجٍ لسلطة تتفكك ببساطة منذ عقدٍ أو أكثر.
الرأسمالية هي مولّد أزمات ماهرة بالتأكيد. التناقضات موجودة في الحمض الصبغي لنظامنا الربحي، وقد ساعدت الأزمات النظام على النجاة والتأقلم لقرون. لكن في الوقت ذاته، يبدو بأنّ الاتفاقيات التي ترتّب النظام الجيوسياسي العالمي تولّد أزمات أكثر من تلك القادرة على حلّها هذه الأيام.
بعبارة أخرى، في حين أن المشاكل الخطيرة التي نواجهها- كالاحترار العالمي واستبعاد العمالة- هي نتاج ممارسات طويلة الأمد، مثل: التصنيع والإمبريالية والتقدم التكنولوجي، فإنّ هذه المشاكل تصل إلى أبعاد حادّة الآن بسبب التمويل والعولمة النيوليبرالية. وكما جادل جيوفاني آريغي وبيفرلي سيلفر، فإنّ نموذج هيمنة الولايات المتحدة يصبح بازدياد غير قادرٍ على التعامل مع هذه المشاكل.
يظهر صعود «الديماغوجيين» أمثال ترامب، تلاشي عنصر الطواعية لتترك الإكراه وحسب. مع إغفال فشلها- فهي لم تبذر سوى الفوضى والمعاناة في العراق وأفغانستان ومناطق حربٍ أخرى لا تحصى- فإنّ دولة الولايات المتحدة تمدّ مخالبها بشدّة ناحية إفريقيا، وتكثّف أصوات برامجها. أمّا في الداخل، فقد رحّل أوباما قرابة مليوني شخص، وتتجسس وكالة الأمن القومي حتّى على أحلام يقظتنا، وتستمر الشرطة في القتل دون اهتمام.
لن يغيّر ترامب هذا، بل سيجعله أسوأ. إنّه كاره للأجانب، ومعادٍ لحقوق المرأة، ووجوده في البيت الأبيض سيقوّي أكثر العناصر رجعية في مجتمع الولايات المتحدة. لكن خلافاً للمفاهيم الخاطئة لأصحاب الطريق الثالث، كانت كلينتون لتجعل الأمور أسوأ أيضاً. النظام العالمي في أزمة، والحنين للأيام الأسطورية عندما تقوم أمريكا بتحمّل عبء نجاح الحريّة هو مضيعة للوقت.
نحن بحاجة لشيء مختلف، شيء أكثر من «التقدمية» الدفاعية. نحتاج لتحدي المنطق العام لنظامنا الربحي، عن طريق تقديم رؤية بديلة للتغيير، متجذرة في سلطة العمّال، والحقوق الاجتماعية، والسيطرة الديمقراطية على المؤسسات المركزية لحياتنا.
ونحن الآن بحاجة هذه الحركة، أكثر من أيّ وقت مضى في الولايات المتحدة. النهج «الترامبي» لن ينتهي، ولن تتخلّى حكومة الولايات المتحدة بهدوء عن مفاتيح خلافة بعض المراكز العالمية المتَخيّلة. السياسة التي ستسود في أميركا، ستقرر إن كان الانتقال من الرأسمالية النيوليبرالية إلى شيء آخر هو خطوة للأمام أم بمثابة النزول إلى الجحيم!؟
تنويه: يمكن الاطلاع على الترجمة الكاملة للمقال في موقع «قاسيون» الإلكتروني.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 803