صحفي أمريكي ينشر تحقيقاً من الداخل: من يقف خلف القتال في شمال لبنان؟
مع بقاء الوضع في لبنان مفتوحاً باتجاه كل الاحتمالات بما فيها العودة إلى أتون الحرب الأهلية، أكدت مصادر إعلامية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة أن السلاح الأمريكي الذي تم تقديمه بسرعة البرق للبنان في أعقاب تفجر أوضاع نهر البارد وصلت شحنات منه إلى عناصر جنبلاط وجعجع، وهو ما يؤكد أن قوى 14 آذار باتت مستعدة لكل «الألعاب القذرة» في سبيل البقاء في السلطة والتمسك بأهداب المشروع الأمريكي الإسرائيلي ولو على حساب لبنان أرضاً وشعباً وحلفاء ومعارضين. ووسط هذه المعطيات جاء تحقيق الصحفي الأمريكي فرانكلين لامب الذي تناقلته كاملاً أو مقتطفاً مواقع الانترنت ووكالات الأنباء والصحف العربية والعالمية. ونظراً لأهميته تعيد قاسيون نشره بتصرف في بعض مفرداته.
ربما ساعدني ارتداء قميص تي شيرت يحمل شعار وكالة غوث اللاجئين التابع للأمم المتحدة حملته معي من «حرب إسرائيل وحزب الله» في بنت جبيل. كما أعتقد بأن قميص الصليب الأحمر والكوفية السوداء والبيضاء التي وضعتها والعلم الفلسطيني الذي لصقته إلى صدري أثناء انضمامي إلى مجموعة من عمال المساعدات الفلسطينيين.. على عدم إثارة الشكوك أثناء تسللي إلى نهر البارد.
كانت مهمتنا تسهيل تسليم الغذاء والأغطية والفرش، لكني كنت مهتماً أيضاً بالوضع السياسي. من يقف خلف هذه الأحداث التي نشبت بسرعة عقب عملية «سرقة مصرف» مزعومة، العملية التي تمكن خلالها مسلحون مقنعون من سلب 150 ألف دولار أو 1500 دولار أو 150 دولاراً، يتوقف الرقم على من تتحدث إليه؟
يبدو أن كل وسيلة إعلامية في بيروت تملك «مصدراً داخلياً مختلفاً للمعلومات» متوقفاً على مذهب مالكها و«تعرف» من هم الجناة الذين يشدون الحبال. لكن حتى نحن الكسالى تذكرنا أن الراحل رفيق الحريري كان يقول «في لبنان، لا تصدقوا شيئاً مما يقال لكم، ونصف ما ترونه فقط.»
الضحايا بين الأرقام المعلنة والحقائق
لقد جعلني أصدقائي أقسم علناًُ بأن أزعم أني مواطن كندي ولست أمريكياً إذا أوقفني عناصر للقاعدة داخل المخيم. لقد خيّل لي أن ما كان يقلقهم ليس سلامتي بل سلامتهم إذا اعتقلوا معي. لن تكون المرة الأولى التي أعتمد فيها على جيراني إلى الشمال للخروج من مأزق الجنسية الأميركية في الشرق الأوسط، فقمت بإخفاء بطاقة هويتي الأمريكية. لقد قيل لنا فيما نحن نقترب من معقل «فتح الإسلام» بأننا سنكون في مرمى نيران قناصة الجيش اللبناني من خارج مخيم نهر البارد وقناصة فتح الإسلام من الداخل، وأن أي تحرك خاطئ قد يتسبب في مقتلنا.
بعد ثلاثة أيام من القصف المدفعي ووقوع أكثر من 100 قتيل ومع عدم وجود ماء أو كهرباء، يعبق مخيم نهر البارد برائحة الجثث المهترئة، والمحتويات المحترقة للمنازل، ومياه الصرف الصحي والرائحة الحمضية للقذائف المنفجرة وقذائف الدبابات.
والأرقام التي أوردتها وسائل الإعلام حول وجود ما بين 30 ألف و32 ألف مدني داخل المخيم غير دقيقة، إذا يعيش داخله 45 ألف مواطن. وخلافاً لبعض التقارير فإن الغذاء والمياه لا يسمح بدخولها.
ينتزع عناصر الجيش الكاميرات من الصحافيين الذين تصادفهم. تراقب الحكومة اللبنانية المعلومات ولا تريد أن تتسرب تلك المتعلقة بحجم الأضرار بعد. لا تزال هناك بعض الجثث غير المكتشفة. لقد أجلي نحو 40% من سكان المخيم، والباقون لا يريدون الرحيل خوفاً من القتل أو خسارة منازلهم للمرة الخامسة بالنسبة لبعضهم.
فلسطينيو مخيمات لبنان:
نزوح فوق النزوح
لا توجد كهرباء وبطاريات الهاتف الخلوي تفرغ. يطلب النازحون من أقاربهم في الداخل البقاء لأنه لا توجد فرش كافية في مخيم البداوي. يعيش النازحون من «البارد» في غرف في مدارس مخيم البدّاوى تضم الواحدة 25 شخصاً. يوجد في مدرسة واحدة في البداوي 3 آلاف نازح. بدأت مساعدات الأمم المتحدة تصل إلى البداوي لكن العمال لم يتمكنوا من إيصال المساعدات إلى البارد نظراً للهجوم الذي تعرضت له قافلتهم.
التقيت بعبد الرحمن الحلاب صاحب معمل الحلويات اللبناني المشهور في طرابلس. ساعدته على تفريغ 5 آلاف وجبة غذاء للنازحين من البارد الذين وصلوا إلى البداوي. إنه لبناني وليس فلسطينياً.
يقول سكان المخيم إن تنظيم فتح الإسلام وصل في أيلول-سبتمبر وتشرين الأول- أكتوبر 2006 وليس لدى عناصره أقرباء في المخيم. إنهم من المملكة السعودية وباكستان والجزائر والعراق وتونس ودول أخرى. ليس بينهم فلسطينيون باستثناء بعض «الجلادين». يقول معظمهم إنهم مدفوعون من قبل مجموعة الحريري.
يصار إلى نفي التقارير التي تشير إلى أن فتح الإسلام يساعدون سكان البارد. قالت لي امرأة «كل ما يقومون به هو الصلاة. إنهم متدينون كثيراً».
لقد كان عدد سكان مخيم البداوي 15 ألفاً لكنهم أصبحوا 28 ألفاً. وقيل لي إن على الجيش اللبناني أن يدمر كل منازل البارد لإزالة فتح الإسلام.
أتوقع أن أبقى في نهر البارد مع عمال المساعدات. يقول البعض إن فتح الإٍسلام يفضلون الموت وهم يقاتلون بعضهم عوضاً عن الوصول إلى تسوية. لا أعلم إذا كان أحد في الحكومة يهتم.
يقولون إن لا مشكلة لديهم
مع الجيش اللبناني.
ومثل أي مخيم فلسطيني آخر في لبنان، يقطن مخيم نهر البارد الفلسطينيون الذين أجبروا على ترك أرضهم ومنازلهم وممتلكاتهم الشخصية في العامين 1947 و1948 من أجل أن يحل مكانهم اليهود القادمون من أوروبا وأماكن أخرى قبل إعلان قيام إٍسرائيل في 15 أيار- مايو 1948.
ومن بين المخيمات الرسمية الـ16 التي أقيمت لإيواء أكثر من 100 ألف فلسطيني عبروا الحدود من فلسطين إلى لبنان خلال النكبة، لم يبق سوى 12 مخيماً. لقد تمت إزالة مخيم تل الزعتر من خلال مجزرة جماعية ارتكبتها قوات الكتائب في بداية الحرب الأهلية اللبنانية بين العامين 1975 و 1990، فيما أدت الهجمات الإسرائيلية والميليشيات اللبنانية إلى تدمير مخيمات النبطية والدكوانة وجسر الباشا ولم يعد بناؤها. والمخيمات التي بقيت تضم أكثر من نصف عدد الفلسطينيين المقيمين في لبنان حالياً والذين يبلغ عددهم 433276 لاجئاً.
وهذه المخيمات هي: البداوي، برج البراجنة، جل البحر، صبرا وشاتيلا، عين الحلوة، نهر البارد، الرشيدية، برج الشمالي، البص، ويفل، المية ومية، ومار الياس.
يقع نهر البارد على بعد 7 أميال (حوالي 11 كيلومتراً) إلى الشمال من طرابلس بالقرب من الشاطئ الرائع للمتوسط ويؤوي أكثر من 32 ألف لاجئ معظمهم من الذين طردوا من منطقة بحيرة حولة في فلسطين بما فيها صفد. ومثل المخيمات الفلسطينية الرسمية الأخرى في لبنان، ومخيمات أخرى «غير رسمية»، يعاني نهر البارد من مشكلات جدية مثل عدم وجود بنية تحتية مناسبة، والاكتظاظ والفقر والبطالة.
ويعاني نهر البارد من أعلى نسبة من اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون في فقر مدقع ومسجلين رسمياً لدى الأمم المتحدة كأصحاب «حالات صعبة».
ويعاني سكانه مثل جميع الفلسطينيين من التمييز ولا يتم إحصاؤهم رسمياً. لا يمنحون الجنسية ويمنعون من العمل في أول 70 تصنيف مهني وتجاري (تتضمن محلات ماكدونالد وكنتاكي للدجاج في وسط بيروت التجاري) ولا يمكنهم امتلاك عقارات.
لا يملك الفلسطينيون في لبنان أساساً حقوقاً اجتماعية أو مدنية ولا يحصلون سوى على إمكانية محدودة من التعليم الرسمي الحكومي. ليست لديهم أية حقوق في الخدمات الاجتماعية الحكومية وهم بالتالي يعتمدون بالكامل على مؤسسة (أونروا) كوسيلة وحيدة لتوفير حاجاتهم العائلية.
وليس مستغرباً بالتالي أن يكون لتنظيم القاعدة بعض المناصرين إن لم يكن ارتباطات رسمية في المخيمات الـ12 الرسمية أو المخيمات السبعة غير الرسمية. إن تنظيمات مثل فتح الإٍسلام و«جند الشام» و«أبناء الشهيد» و«عصبة الأنصار» التي انطلقت باسم «عصبة النور» والعديد من التنظيمات الأخرى مثال على ذلك.
«النادي الولشي»..
ونظراً لتخبط إدارة الرئيس بوش في العراق وأفغانستان، وتشجيعها لإسرائيل لاستمرار تدميرها للبنان في الصيف الماضي، فإن الوضع في لبنان يعكس في بعض النواحي، بداية الثمانينات من القرن الماضي عندما هبت بعض التنظيمات لمقاومة الاجتياح والاحتلال الإسرائيلي للبنان الذي كان يحظى بضوء أخضر أميركي. لكن عوضاً أن يكونوا من مؤيدي حزب الله، فإن مجموعات اليوم ذات غالبية طائفية أخرى مناهضة لحزب الله، ومؤهلة بالتالي للحصول على المساعدات الأميركية التي يمررها الممولون من تلك الطائفة المرتبطون مع إدارة الرئيس بوش التي أعلنت التزامها بتمويل مجموعات إسلامية بهدف إضعاف حزب الله.
لقد أصبح هذا المشروع هاجساًَ لدى البيت الأبيض عقب الهزيمة الإسرائيلية في تموز 2006.
ولمعرفة ما يجري مع فتح الإسلام في نهر البارد يجب إعطاء تقديم موجز عن النادي اللبناني المدهش المعروف «بالنادي الولشي».
والنادي يحمل تسميته من دافيد ولش نائب وزير الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس وهو المسؤول في الإدارة الأميركية عن الشرق الأوسط ويحظى بتوجيه أليوت أبرامز. والأعضاء البارزون في النادي الولشي هم:
• أحد قدامى الحرب اللبنانية ومن أمرائها، الإقطاعي الزئبقي وليد جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي.
• شخص آخر من قدامى الحرب اللبنانية وأمرائها، إرهابي (أمضى 11 سنة في السجن بسب المجازر التي ارتكبها ضد مسيحيين آخرين) سمير جعجع قائد ميليشيا القوات اللبنانية التابعة لحزب الكتائب والتي ارتكبت المجزرة التي نظمتها لإسرائيل في صبرا وشاتيلا (وقعت في أيلول- سبتمبر 1982 وراح ضحيتها 1700 فلسطيني ولبناني).
• الملياردير السعودي ورئيس النادي الشيخ سعد الحريري زعيم تيار المستقبل.
قبل عام تقريباً بدأ تنظيم المستقبل والحريري بتأسيس خلايا إرهابية إسلامية (للحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية ميليشاتهما منذ الحرب الأهلية اللبنانية وعلى الرغم من اتفاق الطائف الذي نص على نزع سلاح الميليشيات، إلا أنهما أعادا التسلح اليوم ويحاولان بشدة استفزاز حزب الله ).
وأنشئت الخلايا الإسلامية بهدف تشكيل غطاء لمشاريع النادي الولشي (المعارض لحزب الله). وتقضي الخطة بأن يلقى اللوم جراء تصرفات هذه الخلايا (ومن بينها فتح الإسلام) على تنظيم القاعدة أو سورية أو أي جهة باستثناء.. النادي.
ولتجنيد الميليشيات الجديدة جمع تيار المستقبل بقايا المتطرفين السابقين في المخيمات الفلسطينية الذين همشوا خلال الوجود السوري في لبنان. ويتلقى كل مقاتل مبلغ 700 دولار شهرياً وهو ليس مبلغاً سيئاً بالنسبة للأوضاع الحالية في لبنان.
وأول ميليشيات النادي الولشي التي أسسها تيار المستقبل معروفة محلياً باسم «جند الشام» التي أنشئت في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين بالقرب من مدينة صيدا الجنوبية. ويشار إلى هذه المجموعة داخل المخيم باسم «جند الست» في إشارة إلى بهية الحريري شقيقة رفيق الحريري وعمة سعد العضو في البرلمان.
والميليشيا الثانية كانت فتح الإسلام (وقد اختير الاسم بدهاء إذ جمع بين فتح المميزة لدى الفلسطينيين والإسلام شعار القاعدة). لقد أسس تيار المستقبل هذه الخلية التابعة للنادي في مخيم نهر البارد للاجئين إلى الشمال من طرابلس من أجل التوازن الجغرافي.
وكان لدى فتح الإسلام حوالي 400 مقاتل يتقاضون رواتب جيدة حتى الأمس القريب. واليوم قد يكون لديهم عدد أقل أو أكثر من المتطوعين. لقد وفرت لقادة التنظيم شقق فاخرة تشرف على البحر في مدينة طرابلس حيث كانوا يخزنون الأسلحة ويرتاحون فيها عندما لا يكونون في نهر البارد.
أحزروا من يملك هذه الشقق؟
استناداً لعناصر من فتح الإسلام وجند الشام، فإن مجموعتيهما تحركت بناء لأوامر من رئيس النادي سعد الحريري.
ما الذي لم يجر وفقاً للمخطط إذن؟ لماذا سرقة المصرف ومجزرة نهر البارد؟
استناداً لناشطين في فتح الإسلام، فإن إدارة الرئيس بوش انزعجت من أشخاص مثل سيمور هيرش الذي كان يتطفل على تصرفات البيت الأبيض في مرحلة ما بعد الحرب على العراق. وأكثر من ذلك، فإن استخبارات حزب الله علمت بجميع التفاصيل حول نشاطات النادي وكان في موقع لقلب التنظيمين اللذين كانا يفترض أن يشعلا حرباً أهلية طائفية والتي تعهّد حزب الله بمنعها.
وبدأ الأمر يسير بشكل سيىء بالنسبة للنادي مؤخراً وأوقف تيار المستقبل حساب فتح الإسلام في المصرف الذي تملكه عائلة الحريري.
وحاولت فتح الإسلام التفاوض للحصول على «تعويض»، على الأقل دون نجاح وشعرت أنها تعرضت للخيانة. (يجب أن نتذكر أن معظم مقاتلي فتح الإسلام من المراهقين والرواتب التي يتقاضونها تساعدهم على إعالة عائلاتهم. وأقدم المسلحون على سرقة المصرف الذي كان يصدر لهم شيكاتهم. لقد ثاروا غضباً عندما علموا أن تيار المستقبل يزعم في وسائل الإعلام إن خسارة المصرف أكبر بكثير من الحقيقة وأن النادي سوف يبتز شركة التأمين ويحصل على أرباح طائلة).
وهاجمت قوى الأمن الداخلي اللبناني (الذي نظم في الفترة الأخيرة ليضم عناصر للنادي وتيار المستقبل) شقق فتح الإسلام في طرابلس. لم يحالفهم الحظ واضطروا لاستدعاء الجيش اللبناني لمساندتهم.
وخلال ساعة واحدة شن عناصر فتح الإسلام هجوماً مضاداً ضد مراكز الجيش اللبناني وحواجزه وعناصره غير المسلحين وخارج الخدمة، والجنود بثياب مدنية وارتكبوا مجزرة رهيبة بما في ذلك قطع رؤوس أربعة جنود.
وحتى اللحظة، لم تشن فتح الإسلام هجوماً ضد قوات الأمن الداخلي في طرابلس لأن عناصرها مؤيدين للحريري وبعضهم من أصدقاء فتح الإسلام، ولا يزال أعضاء التنظيم يأملون الحصول على رواتبهم من الحريري. وعوضاً عن ذلك، استهدف فتح الإسلام الجيش اللبناني.
واجتمعت حكومة السنيورة وطلبت من الجيش اللبناني الدخول إلى المخيم وإسكات (بطريقة أو أخرى) فتح الإسلام. وبما أن الدخول إلى المخيمات محظور بموجب الاتفاق مع الجامعة العربية في العام 1969، رفض الجيش الدخول بعدما أدرك حجم المؤامرة التي ينفذها ضده النادي الولشي. يعرف الجيش أن الدخول بالقوة إلى مخيم للاجئين سيفتح جبهة ضده في جميع المخيمات الفلسطينية ويمزق صفوفه من خلال الانشقاق المذهبي.
وشعر الجيش بأنه ضحية قوى الأمن الداخلي للنادي التي لم تنسق مع الجيش اللبناني كما ينص القانون ولم تبلغه حتى «بعمليتها الداخلية» التي نفذوها ضد منازل فتح الإسلام في طرابلس.
وبلغ التوتر أشده بين الجيش اللبناني والنادي الولشي وبدأ البعض يتداول مصطلح «انقلاب عسكري».
ويحاول النادي إدارة البرلمان وهو على استعداد للذهاب إلى أقصى الحدود بهدف عدم «خسارة» لبنان. يملك النادي في البرلمان 70 مقعداً في حين أن حزب الله والمعارضة يملكون 58 مقعداً. ولديه رئيس حكومة يقوم بالواجب هو فؤاد السنيورة.
وحاول النادي السيطرة على الرئاسة وعندما فشل قام بتهميشها. وفي العام الماضي حاول السيطرة على المجلس الدستوري الذي يراقب عمل الحكومة وتطبيق القوانين. وعندما فشل النادي في فرض سيطرته قام بحله. ولم تعد هذه المؤسسة الرئيسية موجودة.
وكان الخطأ الرئيسي للنادي عندما حاول التأثير على الجيش اللبناني لنزع سلاح المقاومة الذي يقودها حزب الله. وعندما رفض الجيش بحكمة، نسّق النادي مع إدارة الرئيس بوش للضغط على إسرائيل لتوسيع ردة فعلها حيال اختطاف حزب الله لجنديين إسرائيليين «وخرق القواعد» فيما يتعلق برد الفعل التاريخي المحدود الذي كانت تلجأ إليه، ومحاولة تدمير حزب الله من خلال حرب تموز 2006.
جيش يشكل عقبة أمام حكومته المفترضة
ويعتبر النادي اليوم الجيش اللبناني مشكلة خطيرة. تحاول إدارة الرئيس بوش تقويضه وتهميشه لإزالة إحدى العقبتين الأخيرتين اللتين تقفان في وجه أجندة إسرائيل في لبنان.
إذا ضعف الجيش فلن يعود قادراً على حماية نحو 70% من المسيحيين في لبنان الذين يدعمون حركة التيار الوطني الحر للجنرال ميشال عون.
ويتألف التيار الوطني الحر بشكل رئيسي من مواطني الطبقة الوسطى والمثقفين المدنيين. والحماية الوحيدة التي لديه تتمثل بالجيش اللبناني الذي يساعد على المحافظة على وجوده في الساحة السياسية اللبنانية. والنوع الآخر من المسيحيين في لبنان (حوالي 15%) هم أنصار سمير جعجع والقوات اللبنانية والذين يشكلون ميليشيا خاصة. وإذا تمكن النادي من إضعاف الجيش أكثر مما هو ضعيف، فعندها تصبح هذه الأقلية الكتائبية القوة الوحيدة نسبياً في الساحة المسيحية وتصبح عندها «جيش» النادي.
نهر البارد و17 أيار جديد
وهناك سبب آخر يدفع النادي لإضعاف الجيش اللبناني وهو أن هذا الجيش وطني ويعتبر صمام أمان لبنان ويضمن حق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم، ويصون الوحدة الوطنية اللبنانية ويحمي ثقافة المقاومة التي يقودها حزب الله الذي يملك معه علاقات ممتازة.
من جهته، يرغب النادي في إبقاء بعض الفلسطينيين في لبنان من أجل العمالة الرخيصة، وشحن الآخرين إلى الدول الراغبة باستقبالهم (والحصول على مقابل سخي من قبل دافعي الضرائب الأميركيين) والسماح في أقصى حد لبضعة آلاف منهم بالعودة إلى فلسطين لتسوية مسألة «حق العودة» في الوقت نفسه الذي يوقع فيه على اتفاقية على نمط 17 أيار 1983 مع إسرائيل التي تغني أعضاء النادي وتعطي إسرائيل مياه لبنان والكثير من سيادته.
وباختصار، يجب إسكات فتح الإسلام مهما كان الثمن. إذا عرفت قصتهم فستكون بمثابة سم للنادي ورعاته. سوف نرى محاولاتهم للتدمير على الأرجح خلال الأيام القليلة المقبلة.
■ فرانكلين لامب:
موقع كاونتر بانش