ماذا يؤمن الحد الأدنى للأجور؟؟
أديب خالد أديب خالد

ماذا يؤمن الحد الأدنى للأجور؟؟

الحد الأدنى للأجور، هو أقل ما يمكن دفعه كراتب، والذي لا يسمح أقل منه، وتعـد سياسـة الحـد الأدنـى للأجـور مـن السياسـات التـي تتبعهـا الكثيـر مـن الـدول مـن أجـل تحقيـق العدالـة الاجتماعيـة لتــأمين حــد أدنــى مــن الـدخل، بما يضــمن توفير الاحتياجات الأساســية. حيث يعرف الحد الأدنى للأجور باعتباره أدنى مبلغ من المال يتقاضاه العامل في الساعة، أو اليوم، أو الشهر نظير عمله، ويتحدد بموجب القانون، أو من خلال الاتفاقات المتبادلة بين النقابات وأصحاب الأعمال.

ويعني رفع الحد الأدنى للأجور المزيد من الأموال في أيدي العمال، بما يُساهم في رفع معدلات الاستهلاك والادخار، بما ينعكس على ارتفاع معدلات النشاط الاقتصادي، وتحسين مستوى المعيشة للأفراد، كما يساهم في تقليل التفاوت في توزيع الدخول بين الأفراد.

طرق احتساب الحد الأدنى للأجور

يقدر الحد الأدنى للأجر بشكل قانوني، أو يتم التفاوض عليه في حوالي 90% من بين دول العالم، إلا أن التطبيق الفعلـي يتفـاوت بشكل كبير بين البلدان، وتتراوح من البسيط إلى المعقد للغاية.
على الصعيد العالمي، هناك ما يقرب من نصف الدول التي تمتلك معدلًا وطنيًا واحدًا للحد الأدنى للأجور على مستوى الدولة، بينما النصف الآخر من الدول تمتلك أنظمة أكثر تعقيدًا بمعدلات متعددة للحد الأدنى للأجور، يتم تحديدها وفقًا للقطاع، أو المهنة أو عمر الموظف، أو المنطقة الجغرافية.

اتفاقية منظمة العمل الدولية

تنص الاتفاقية (رقم 131) لعام 1970 على تحديد الحد الأدنى للأجور، ويجب أن يتضمن مستوى الحد الأدنى للأجور حوارًا اجتماعيًا، ويأخذ في الاعتبار احتياجات العمال وأسرهم، وكذلك العوامل الاقتصادية.
وقد نصت الاتفاقية على الحد الدنى للأجور، حيث تشمل العناصر التي تؤخذ في الاعتبار لتحديد المستويات الدنيا للأجور، بقدر الإمكان وبما يتفق مع الممارسات والظروف الوطنية:
1- احتياجات العمال وعائلاتهم مع مراعاة المستوى العام للأجور في البلد، وتكاليف المعيشة، وإعانات الضمان الاجتماعي، ومستويات المعيشة النسبية للمجموعات الاجتماعية الأخرى.
2- العوامل الاقتصادية، ومنها: متطلبات التنمية الاقتصادية، والمستويات الإنتاجية، والرغبة في بلوغ مستوى مرتفع من العمالة والحفاظ عليه.
حددت الحكومة السورية الحد الأدنى للأجور والرواتب بما يقارب الـ 200 ألف ليرة سورية بعد الزيادة الأخيرة، ولكن من المعلوم قانونياً وإنسانياً- حتى في القانون الدولي، وحقوق الإنسان، واتفاقيات منظمة العمل الدولية- أن يضمن الحد الأدنى للأجور تأمين متطلبات المعيشة وأساسياتها من مأكل وملبس ومشرب، ويؤمن حياة كريمة للعامل، ويغنيه عن الفقر والحاجة، فهذا من حق العامل الطبيعي الذي يضمن له إعادة إنتاج قوة عمله وضمان استمرارها.
لكن الحكومة السورية حين حددت الحد الأدنى للأجور والرواتب لم تأخذ بعين الاعتبار كل القوانين المحلية والدولية، حيث الحد الأدنى للأجور لا يضمن حتى 1% من تأمين متطلبات المعيشة، فالحد الأدنى للمعيشة اليوم وصل إلى 8 ملايين ليرة سورية شهرياً لأسرة مكونة من 5 أفراد، حسب مؤشر جريدة قاسيون، وبالقياس مع مستوى الأسعار المتحرك في الأسواق.
قال تقرير أممي: إن سعر سلة الغذاء المرجعية في سورية، ارتفع بنسبة 100% منذ مطلع العام الحالي 2023، وثلاثة أضعاف مقارنة بالعام الماضي، وبحسب تقرير صادر عن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، فإن تكلفة السلة الغذائية ارتفعت في أيلول الماضي إلى 938 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 67 دولاراً، وأوضح التقرير، أن تخفيض دعم الوقود في الأشهر الأخيرة، إضافة إلى انخفاض قيمة الليرة السورية، أدّى إلى مزيد من الضغوط التضخمية على تكلفة السلة الغذائية.
وتاريخياً، تم اعتماد الدعم الحكومي للمواطنين كمعيار يعترف بتشوه سياسة الأجور، وعدم كفايتها، ولكن الحكومات السورية اعتمدت سياسة رفع الدعم عن المواطن دون معالجة التشوه في الأجور وتعويضها، وبالتالي ازداد فقر العامل نتيجة لارتفاع الأسعار، ورفع الدعم، وانخفضت القيمة الشرائية للأجور- تبعاً لذلك- إلى مستويات مخيفة، باتت تهدد الطبقة العاملة بالجوع.
ورغم نص قانون العمل رقم 17 على تشكيل اللجنة الوطنية للأجور، إلا أن هذه اللجنة لم تعقد أي جلسة، ولم تجتمع منذ صدور القانون عام 2010 رغم التآكل الذي أصاب الأجور وانخفاض قيمتها الشرائية وعدم كفايتها، ومن التسريبات حول تعديل قانون العمل، تحدثت مصادر في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، أن التعديلات الجديدة ستأخذ بعين الاعتبار اتفاقيات منظمة العمل الدولية، فهل ستطبق الحكومة اتفاقية الحد الأدنى للأجور المذكورة أعلاه؟.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1149