العمال بين البيان والجلسة الاستثنائية

العمال بين البيان والجلسة الاستثنائية

منذ أن تبنت السلطات المعنية السياسات الاقتصادية الليبرالية تحت يافطة اقتصاد السوق الاجتماعي ازداد تدهور أحوال الحياة المعيشية للعاملين بأجر من خلال تثبيت الرواتب والأجور في حدود دنيا لا تصل إلى أدنى الحاجات الأساسية للغذاء، وعدم ربطها بمستويات تدهور الحياة المعيشية للعباد في قطاع الدولة وفي القطاع الخاص على حد سواء، إضافة إلى معاشات المتقاعدين، وأصبحت الفجوة كبيرة جداً بينهم، وبين متطلبات حياتهم المعيشية.

رغم وجود بعض التفاوت في الأجور في كلا القطاعين. هذه السياسات ليست بريئة، بل إنها عمل مدروس ومنظم بشكل دقيق، حتى تضمن زيادة تغول قوى الفساد والنهب، لكافة موارد البلاد، وخاصة في الإنتاج الحقيقي من صناعة وزراعة. واليوم ماذا بعد الجلسة التي أطلق عليها استثنائية لمجلس الشعب مع الحكومة.
إن ما يهم العمال وكافة العاملين بأجر في هذه المرحلة هو الحفاظ على القوة الشرائية لليرتهم وسد الفجوة الكبيرة بين الرواتب وأجور العاملين بأجر والمستوى المعيشي ومتطلباته الضرورية من غذاء وكساء وصحة لهم ولأسرتهم.
وبالعودة إلى بيان الحكومة الذي قدمته قبل ثلاث سنوات أمام هذا المجلس الموقر يقول البيان «إن الحكومة ستبحث عن الوسائل المؤدية إلى زيادة الدخل من أجور وحوافز للعاملين ولكن حسب الإمكانات المتاحة»، واليوم تقول الحكومة: «سياسة الدعم وما تكلفه من أعباء مالية كبيرة لتحقيقها ويرافق ذلك هدر سببه الفساد الذي تولده سياسة الدعم، قابل هذه السياسة ارتفاع كبير في عجز الموازنة». ونسأل المجلس الموقر هل حقاً أن الدعم المقدم وعلى شحّه وتناقصه باستمرار، هو الذي أنتج الفساد، وهو الذي سبب الارتفاع الكبير في عجز الموازنة، أم تلك السياسات الخادمة لقوى النهب الكبير هي التي أنتجت الفساد ورعته بكل أشكاله الكبير منه والصغير، وهو الذي يؤدي إلى تردي سعر الصرف الناتج عن انخفاض القدرة الشرائية لليرة.
والسؤال المهم أيضاً هل هذه هي الإمكانات المتاحة لدى الحكومة التي تستطيع أن تلبي أدنى متطلبات المعيشة للعمال، هي رفع الدعم عن المواد الأساسية للعباد، الذي صمت المجلس اتجاهها، لا بل أيدها البعض منهم.
إن إعادة توزيع الثروة المنتجة والمنهوبة من قبل أمراء الحرب وقوى النهب والفساد، بشكل عادل فهذا ليس من ضرورات الحكومة والمجلس، وبالتالي لم ير العمال أي إشارة ضوء، قد تؤدي إلى تحسين الوضع المعيشي لهم. فلا يمكن أن تتحسن أجور العمال إذا لم يتم ربطها مع تطور متطلبات الوضع المعيشي، وعلى رأسها إعادة توزيع الثروة الوطنية المنهوبة بشكل عادل.
كما تحدث البيان الآنف الذكر عن «الاستثمار الأمثل للعمالة المتوفرة» و»إرساء سوق عمل فعال» واليوم تدّعي الحكومة أن استمرارها في سياسة التوظيف والاستيعاب الوظيفي، هي على حساب الرواتب والأجور. لكن من ناحية أخرى نرى النقابات بكافة مستويات مؤتمراتها النقابية تشتكي من نقص اليد العاملة في غالبية المنشآت والقطاعات المختلفة. أي إنها (الحكومة) تريد أن تقول لنا، لا تتأملوا أي زيادة للرواتب والأجور، وكذلك هي أيضاً ليست بوارد العمل على وضع أي استثمارات في قطاع الإنتاج سواء الصناعي أو الزراعي. لأن اقتصاد الدول لا يدار بالعواطف والرغبات، وإنّما يدار على أسسٍ من العقلانية والموضوعية والواقعية. كما قالت الحكومة في هذه الجلسة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1134