المؤتمرات النقابية كيف ستكون؟
أعلن المكتب التنفيذي لنقابات العمال عن مواعيد إجراء المؤتمرات النقابية السنوية، والتي ستبدأ يوم الاثنين في جميع المحافظات، وهي المؤتمرات الأولى بعد «الانتخابات» التي جرت مؤخراً.
المؤتمرات تقدم عادةً تقاريرها التي تشير إلى واقع الشركات الإنتاجية والخدمية، وتتضمن التقارير أيضاً أبرز المطالب العمَّالية، التي غالباً ما تكون قد طرحت في مؤتمرات الدورة الانتخابية السابقة ولم تقدم لها الحلول المطلوبة من قبل النقابيين أعضاء المؤتمرات.
تطورات كثيرة حدثت في واقع المعامل والمنشآت الإنتاجية وكذلك في واقع الطبقة العاملة، من حيث شروط العمل ومستوى معيشتها وحقوقها الأخرى التي لم ترَ النُّور، وخاصة عمال القطاع الخاص الذين يشغلون حيزاً لا يتناسب مع وزنهم الفعلي في الطبقة العاملة في إطار الهيئات النقابية المختلفة، وبالتالي قدرتهم على توصيل صوتهم وتقديم مطالبهم تكون أضعف وأقل قياساً في التمثيل الفعلي للعمال العاملين في قطاع الدولة.
قلنا إن هناك الكثير من القضايا والتطورات قد أصابت الواقع المعيشي والحقوقي للطبقة العاملة السورية، فحسب التقرير الاقتصادي المقدم للمؤتمر العام الـ27، والذي أصبح وثيقةً مقرَّه من قبل المؤتمر العام، حيث يرتب هذا على الكوادر النقابية صياغة المواقف التي من خلالها ترد الظلم والجور الذي فعلته الحكومات المتعاقبة من خلال سياساتها الاقتصادية المحابية للأغنياء الكبار منهم والصغار، على الفقراء عموماً والطبقة العاملة خصوصاً، وخاصةً بمستوى معيشتهم التي تتردى يوماً بعد يوم دون أن يكون هناك أي أفق لحلها، وفقاً لم يطرح من حلول وإجراءات مختلفة تدّعي الجهات الطارحة لها أنها ستكون حلاًّ للوضع المعيشي المعاش، ولكن في حقيقة الأمر هي حلول خُلبية لا ترقى إلى مستوى معاناة الناس وما يجب اتخاذه حيال النهب المتعاظم في كل المطارح الاقتصادية.
في التجارب السابقة للمؤتمرات النقابية، يطرح النقابيون ما عندهم، ويجري الرد على تلك الطروحات بطروحات أخرى، وتكون النتيجة ذهاب العمال إلى مراكز عملهم بخفي حنين، أي دون نتائج حقيقية، وهذا الواقع ولَّد عند العمَّال والكادر النقابي سنة بعد أخرى عدم رضاً عن الفائدة المرجوة بحضور المؤتمرات، طالما لا يتمكن العمال من انتزاع مطالبهم التي يكررون طرحها، وكان التعبير عن عدم الرضا مغادرة قاعات المؤتمر فرادى مما يضطر رئاسة المؤتمر الطلب بعدم المغادرة، أو إقفال الأبواب حتى لا يخرج أحد، وهؤلاء جميعاً أعضاء مؤتمر ويمثلون العمال وفقاً لقانون التنظيم النقابي، ومن المفترض فيهم المواجهة والصراع من أجل حقوق العمال والدفاع عن منشآتهم التي يعملون فيها، ولكنَّ الشكل الذي يعبرون فيه عن عدم رضاهم هو الخروج والخروج فقط.
لماذا نعرِّج على التجربة السابقة ؟ ولماذا نذكر بما كان يجري؟
المتابع للإعلام النقابي سيجد فيه الكثير من الكلام حول الإنجازات التي تحققت، ولكنَّ السؤال الذي نطرحه كيف انعكست تلك «الإنجازات» على مستوى معيشة العمال؟ وكيف هو العمل في المعامل القائمة من حيث الوضع الإنتاجي والحوافز وتأمين المواد الأولية، وتشغيل خطوط الإنتاج وتوفر الطاقة اللازمة لعملية التشغيل؟
الحكومة عبر لجنتها الاقتصادية لإصلاح القطاع العام، تطرح الكثير من الحلول التي في جوهرها ليس إصلاح القطاع العام الصناعي والزراعي المختلف على شكل الإصلاح المطلوب إنجازه، الحكومة عبر وزارة الصناعة لديها خطة إصلاح، وأعضاء اللجنة لديهم مقترحاتهم المختلفة التي تؤكد على ضرورة الإصلاح من خلال التشاركية مع القطاع الخاص أو الرأسمال الأجنبي أو على نظام bot كما طرح وزير المالية.
إذاً، واقع شركات الدولة هو مدار بحث وجدال، وهنا تكمن مسؤولية النقابات والكوادر النقابية في كيفية ليس الدفاع عن قطاع الدولة باعتباره ركيزة أساسية في تحقيق التنمية المطلوبة التي ستؤمن حاجات الشعب السوري ليست الآنية فقط، بل المستقبلية، وأيضاً في كيفية تطويره من الناحية التكنولوجية عبر تأمين الموارد الضرورية، والكافية لعملية التجديد والتطوير وتخليصه من شوائب النهب والفساد التي عشّشت به منذ عقود لتجعله عديم القدرة على أداء مهامه السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
القضية الأخرى الهامة المفترض التصدي لها، هي قضية الأجور المتناسبة مع ارتفاعات الأسعار التي أشار إليها التقرير الاقتصادي من حيث تحميل الأجور للضرائب غير المبررة ولا المقنعة، مما يفقد الأجور قيمتها الفعلية زيادة على ما تفعله الأسعار المرتفعة، وزيادة الأجور المراد النضال من أجلها لها مؤشراتها الاقتصادية والسياسية، حيث ستمول الزيادة من مصادر غير المصادر التي تعمل على أساسها الحكومة من فروقات الأسعار، أي من مصادر النهب الكبرى وهذا فعل سياسي إذا ما استطاعت الطبقة العاملة تحقيقه، لأنه سيعدل من موازين القوى لصالح الطبقة العاملة في حال استخدم العمال حقهم الدستوري في انتزاع حقوقهم بما فيها حقهم بأجور عادلة.
إنَّ المؤتمرات النقابية في حال كانت مستندة إلى دعم الطبقة العاملة ستتمكن الكوادر النقابية من طرح قضاياها المختلفة وهي واثقة من إمكانية تحقيقها كون الطبقة العاملة تعبِّر عن تلك المصالح عبر من هم مفترض أنهم يمثلونها في هذه المنابر الهامة، وفي غيرها من الأماكن التي يمكن أن تكون مكاناً صالحاً لطرح المطالب «المعامل» مثلاً، وإذا جرى خلاف ذلك فإن الهَّوة ستزداد بين العمال والنقابات، وستجد الطبقة العاملة طريقها في انتزاع مطالبها وحقوقها.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 956