العمال الحلقة الأضعف لابد أن تكون الأقوى!
ورد على بعض المواقع الإلكترونية خبرٌ مفاده أن الشركة الروسية التي تم تسليمها مؤخراً مرفأ طرطوس لإدارته تنوي تغيير عقود العمال من قانون العاملين الأساس إلى قانون العمل الخاضع له عمال القطاع الخاص ويبدو أن هذا الأمر سيتكرر مع كل الشركات التي ستحصل على عقود شراكة في إدارة المنشآت ولن يكون الأخير، حيث سبق هذا الخلاف بين العمال وبين الشركة المستثمرة لمعمل السماد الأزوتي، أين تكمن المشكلة هل في الشركات المستثمرة أم في الجهات الحكومية المنظّمة للعقود معها؟
نبدأ بالشركات المستثمرة، أياً تكن جنسيتها؟ فجميعها يحكمها منطق تحقيق الربح الأعلى في استثماراتها، وهي تذهب إلى هذا الخيار من أجل تعظيم أرباحها وليس لسواد عيوننا، فمصالحها الرأسمالية تدفعها إلى ابتداع الطرق والوسائل التي تجعلها تحقق أرباحاً عالية، ومن ضمن تلك الوسائل والطرق هو التوجه نحو العمال كونهم الحلقة الأضعف في معادلة الاستثمار، ليس بسبب العمال، وإنما بسبب من يبرم العقود مع هذه الشركات بحيث يكون آخر همهم في جدول التباحث حول تفاصيل العقود وضع العمال القانوني والحقوقي، وعندما تبدأ الشركات المستثمرة بتغيير تلك الأوضاع يبدأ الصراخ والقول إننا قد أشرنا في نص العقد مع الشركة، المحافظة على حقوق العمال، والعمال لا يسألون أصلاً عن مدى صلاحية العقود المبرمة والمتعلقة بهم، فَهُم أي العمال ما عليهم سوى القبول والموافقة.
الجهة الحكومية الموقعة على العقد والتي تقول إن العقد يتضمن المحافظة على حقوق العمال فهذا القول مطاط جداً، وقابل للتأويل من قبل الشركة المستثمرة ما لم تكن هناك نصوص صريحة وتفصيلية تشير إلى تلك الحقوق، وتحرم المساس بها، وهنا من المفترض أن يكون التنظيم النقابي موجوداً بفاعلية من أجل تثبيت حقوق العمال في العقود المبرمة، طالما أنّ توجهات الحكومة بقضها وقضيضها ذاهبة نحو التشاركية وطرح كل شيءٍ حتى الهواء الذي يتنفسه الشعب للاستثمار، وهذا التوجه هو عقدة العقد، وما يجري من انتهاكات لحقوق العمال تنطلق من هذا القانون التشاركية الذي يجيز للشركات المستثمرة أن تنتقي العمال الصالحين لها من وجهة نظر مصالحها، وترك الباقين لقرارات الحكومة في توزيعهم والتصرف بهم.
الحكومة استبقت تلك الشركات بموضوع تغيير عقود عمال الاتصالات من القانون الأساس إلى قانون العمل 17 مع فترة انقطاع للعمال لترتيب إنجاز العقود.
إذاً، أين المحافظة على حقوق العمال في العقد المبرم مع الشركة الروسية طالما هي أي الحكومة قامت بهذا الإجراء مع عمال الاتصالات بتغيير عقودهم؟.
عدد العمال المشمولين بتغيير عقودهم يقارب الـ3600 عامل من مختلف الاختصاصات، ملزمين بأخذ إجازة بلا أجر حسب المادة 22 من العقد المبرم مع الشركة من أجل تغيير عقودهم بعقود عمل جديدة ستضر بمصالحهم وحقوقهم كما أضَرَّ القانون 17 بمصالح الطبقة العاملة في القطاع الخاص من جميع النواحي، وخاصةً تمكين أرباب العمل من تسريح العمال تسريحاً تعسفياً، وهذا يتم بقوة القانون الذي أوجدته الليبرالية توافقاً مع قوانين السوق المتوحشة التي تلبي مصالح المستثمرين في تعزيز أرباحهم ولو كانت على حساب قوة العمل المنتجة لهذه الأرباح.
إن قدرة العمال على المواجهة والدفاع عن حقوقهم تكمن بقوة تنظيمهم ووحدة موقفهم من مطالبهم، وهنا يأتي دور النقابات في المواجهة المختلفة نوعياً عن السابق، حيث استجدت الآن قضايا لم يتعاملوا معها في السابق، وهي أن الشركات المستثمرة لديها من الخبرة والدراية في الهيمنة والسيطرة أعلى من توقعاتهم، لهذا لابد من أن يحدث تغيير ضروري في آليات العمل والضغط وتبديل الأدوات التي سيواجهون بها المستجدات التي سيتعرض لها العمال.
إنَّ الحدث الذي نعالجه الآن لن يكون الأخير بالنسبة للطبقة العاملة وخاصة لعمال قطاع الدولة المنوي طرح منشآتهم للاستثمار، والذي شكلت الحكومة فريق عمل من الخبراء والعارفين بهذا المجال لإيجاد أفضل السبل من أجل الخلاص من إرث القطاع العام، الذي أثقل كاهل الحكومات كما يقولون دائماً، وكما قال لهم صندوق النقد الدولي بنصائحه المقدمة خلال سنوات ما قبل الأزمة وما زال معمولاً بها وتتعزز ونلمس مفاعيلها الآن مع الشركات المستثمرة.
أيها العّمال نظموا أنفسكم فالقادم الذي يعمل على تسيُّده خطير على مصالحنا الوطنية وعلى حقوقنا ومصالحنا.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 937