العمال لمن سينتمون؟

العمال لمن سينتمون؟

خلال الأزمة التي انفجرت جرت معها كوارث فظيعة إنسانية واقتصادية واجتماعية على شعبنا بأغلبيته الفقيرة، حيث دفع هذا الشعب فاتورة باهظة الثمن تشريداً وتدميراً وقتلاً واختطافاً واعتقالاً، وما زال يدفع وسيبقى يدفع ما دامت تلك القوى التي استثمرت في دمه ولقمته وكرامته تمتلك الأدوات التي تعيق خلاصه، سواء كانت تلك القوى في الداخل أو الخارج كلٌّ على طريقته.

يعلم القاصي والداني كم دفعت الطبقة العاملة السورية من ثمن باهظ، حيث شُرّد معظم العمال من ديارهم بفعل القتال الدائر في مناطقهم، وخسروا مكان الذي كانوا يقتاتون منه معيشتهم ليهيموا في أركان الوطن لعلهم يجدون فيها سلامتهم وسلامة عائلاتهم ولقمة عيشهم، عسى أن يجدوا من يقدم لهم العون والمأوى بعد أن فقدوا الأمل بمن هو ملزم بتقديم العون والمأوى لهم في مثل هذه الأحوال الاستثنائية.
البديل كما دلت الوقائع والسلوك على الأرض كان جاهزاً ليقوم بدوره المطلوب سياسياً تحت شعار «المساعدات الإنسانية»، الشعار الذي تغزل عليهِ المنظمات الدولية من أجل صنع نفوذ سياسي للقوى الداعمة لمثل هكذا منظمات، فقد قدمت الكثير من المساعدات الغذائية وغيرها. وبشكل متواتر حتى أصبحوا عبر هذه المساعدات هم البديل عن جهاز الدولة المفترض أنه هو من يقوم بهذا الدور المكلف به وطنياً ودستورياً، والمشاهد للطوابير الممتدة عند مراكز التوزيع سواء جمعيات خيرية، أو كنائس، يعلم حجم التأثير والارتباط بهذه المنظمات، خاصةً إذا ما ترافق هذا مع دفعات مالية تدفع للطالبين لها كجزء من أجور منازلهم التي استأجروها في رحلة العذاب والمعاناة الطويلة.
إن هذا الواقع يحمل مخاطر حقيقية من حيث التأثير والنفوذ السياسي على أوساط شعبية واسعة لا بدّ من مواجهة مفاعيله وتأثيره عبر إجراءات تقطع الطريق على تلك المنظمات التي يموّلها الغرب، ليس لسواد عيون الناس الفقراء وليس الدافع إنسانياً كما يروَّج للدور الذي تقوم به المنظمات المصنفة بأنها للمجتمع المدني.
إن القوى الوطنية وجزءاً منها الحركة النقابية قادرة على تغيير الواقع الذي تعيش به الطبقة العاملة السورية وبقية الفقراء وهم الأغلبية، والمدخل الأولي في المواجهة مع هذه المنظمات هو الضغط بشتى الوسائل السلمية من أجل تحسين الوضع المعيشي والمأوى، عبر زيادة الأجور زيادة حقيقية ومن مصادر غير تضخمية، أي: من جيوب قوى الفساد ناهبي الثروة التي تنتجها الطبقة العاملة وكل العاملين بأجر.

معلومات إضافية

العدد رقم:
927