قانون التنظيم النقابي رافعة النضال العمالي
عادل ياسين عادل ياسين

قانون التنظيم النقابي رافعة النضال العمالي

الحاجة الموضوعية لتغيير قانون التنظيم النقابي أصبحت واجبة وضرورية انطلاقاً من جملة التغيرات الحاصلة في البلاد منذ إصدار القانون المذكور عام 1968، إذ مضى على إصداره ما يقرب الخمسين عاماً، جرت خلالها مجموعة كبيرة من المتغيرات أصابت الطبقة العاملة وكذلك الاقتصاد السوري...

إن خمسين عاماً من التغيرات منذ إصدار القانون في نهاية الستينيات، وحتى اليوم انعكست تغيرات كبيرة على واقع الطبقة العاملة من حيث التطور في بنيتها العلمية، وتطور في عددها، وتنوع في الصناعات التي تعمل فيها، وأهم ما جاء في تلك المتغيرات، تغير الوزن النوعي للعمال العاملين في القطاع الخاص، والضعف النوعي الذي أصاب عمال قطاع الدولة لأسباب كثيرة مرتبطة بالنموذج الاقتصادي الذي جرى تبنيه، وهو السياسات الاقتصادية الليبرالية التي قاعدة العمل الأساسية فيها إخراج الدولة من دورها الاقتصادي والاجتماعي، وهذا الإخراج يُلبي مصالح القوى الرأسمالية وقوى السوق والفساد الكبير، وكذلك يُعبر عن مصالح المراكز المالية الرأسمالية، التي قامت بتقديم المشورة والخبرة والتوجيه في التوجّهات الاقتصادية الاجتماعية التي «ستطور» وترفع العبء الذي يشكله قطاع الدولة عن كاهل الحكومات المتعاقبة، وهو سيحررها من هذا العبء، ليقتصر دورها على أن تكون شرطي سير يُنظم المصالح المتضاربة لطبقات الشعب السوري.
بناءً على المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية برزت رغبة عند الحركة النقابية والحكومة على ضرورة إجراء تعديل، وربما تغيير في قانون التنظيم النقابي ليتوافق مع تلك التغيرات، حيث تم طرح مشروع قانون جديد بالشراكة بين وزارة العمل والحركة النقابية، كما أشار نص المشروع في مقدمته ولكن هذا المشروع لم يرَ النور منذ طرحه في عام 2012، ومن يطَّلع على النص الجديد لا يرى فيه تغييراً جوهرياً عن نص القانون القديم، بل هو نقل حرفي لمعظم مواده عن القانون المزمع تعديله أو تغييره، إلا بالأسباب الموجبة لإصدار كلا القانونين ليتوافق الأخير مع ما جاء بالدستور من إلغاء المادة الثامنة في الدستور الجديد، حيث كان القانون 84 يعتمد في موجبات إصداره على مقررات مؤتمرات حزب البعث ورؤيته في تنظيم وتجميع طاقات الجماهير الكادحة وتفجيرها.
تقول الأسباب الموجبة لإصدار قانون التنظيم النقابي رقم /84/ لعام 1968 كما جاء في نص القانون: «الحاجة إلى إصدار قانون تنظيم نقابي جديد يحقق الغاية والهدف من تنظيم الطبقة العاملة في ظل الثورة الاشتراكية الوحدوية، يضمن للطبقة العاملة وتنظيمها النقابي ممارسة الديمقراطية الواسعة ويحمِّلها مسؤولياتها تجاه قضايا النضال القومي الاشتراكي».
بينما الأسباب الموجبة وفقاً لمشروع القانون الجديد مختلفة، لم تعد تعتمد على مقررات حزب البعث، وانتقلت للاعتماد على الدستور السوري الجديد في إنجاز القانون.
جاء في الأسباب الموجبة الجديدة:
ينطلق التعديل من مبادئ الدستور السوري.
ينطلق التعديل من دور الحركة النقابية في حماية مصالح المنتسبين وسائر العمال السوريين في الداخل والخارج.
تأكيداً لمبادئ الدستور التي أكدت على حرية المنظمات الشعبية والنقابات واستقلاليتها ودورها الرقابي ومشاركتها في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وعلى حق العمل النقابي وحريته، وبما يتّفق وأحكام اتفاقيات العمل العربية والدولية التي صادقت عليها سورية.

الأسباب الموجبة للطبقة العاملة السورية

للطبقة العاملة السورية أسبابها الموضوعية في أن يكون هناك قانون للتنظيم النقابي ينظم علاقتها بالحركة النقابية كمنظمة كفاحية تستطيع الدفاع عن مصالح وحقوق العمال بكل الوسائل التي تمكن العمال من انتزاع تلك الحقوق والمطالب، في مواجهة قوى رأس المال المدعومة بالقوانين والأنظمة وبجهاز الدولة. وبالمقابل، لخلق التوازن المطلوب لابد من قانون يعبّر بشكل واضح عن الأدوات الضرورية المفترض امتلاكها بما فيها حق الإضراب، كما ينص على ذلك الدستور واتفاقيات العمل العربية والدولية، من قبل العمال، ومنها:

أن يكون للجنة النقابية الشخصية الاعتبارية الحقيقية والاستقلالية الفعلية في إقرار ما تراه مناسباً من قرارات تتخذها دفاعاً عن مصالح وحقوق العمال بما فيها حقّ الإضراب.
أن تكون هناك هيئة عامة موسعة تشمل جميع عمال المنشآت لهم حق النقاش والإقرار لما يرونه مناسباً بشأن مطالبهم.
أن يكون للهيئة العامة حق انتخاب اللجنة النقابية بعيداً عن الأشكال المتبعة التي تقيد حريتهم في انتخاب من يمثلهم في اللجنة النقابية.
أن يكون للهيئة العامة حق سحب الثقة من اللجنة أو من بعض أعضائها.
أن يكون للهيئة حق اختيار ممثلي العمال في اللجان الإدارية والمجالس الإنتاجية، وحق سحب الثقة منهم إذا أقتضى الأمر ذلك.
حق الهيئة العامة في انتخاب مندوبيها لمؤتمر النقابة.
إعادة النظر بجداول المهن، ليصار إلى تأسيس لجان نقابية ومكاتب نقابات موسعة على أساس تعدد المهن في القطاع الواحد، مثل: عمال معامل الأدوية كمهنة مدموجة الآن في الصناعات الكيماوية، وعددهم ومهنتهم تسمح بأن يكون لهم مكتب نقابة مستقل، كذلك عمال الاتصالات المدمجون مع نقابة الدولة والبلديات.
العمل على زيادة وزن عمال القطاع الخاص في التنظيم النقابي وهذا حق طبيعي يؤمّن للحركة النقابية وزناً أعلى في دفاعها وصراعها من أجل حقوق العمال، ويُخرج العمال من دائرة التحكم والهيمنة المفروضة عليهم، ومنعهم في أغلب الحالات من تأسيس نقاباتهم في معاملهم ومنشآتهم.
إنّ الغاية من توسيع دور الهيئة العامة واللجان النقابية هي لضرورة توسيع دائرة العمل النقابي، والتأثير في القرارات لتلبي مصالح العمال بعيداً عن الاعتبارات التي تتخذ الآن، وتصبح معها حقوق العمال في مهبّ الريح، وخاضعة لتلك الاعتبارات الحزبية والعلاقة مع الحكومة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
926
آخر تعديل على السبت, 17 آب/أغسطس 2019 16:02