مسمار جحا وقطاع الدولة
قد يستوقفك منظر الصرافات الآلية المعطلة التابعة للمصرف التجاري، في مختلف شوارع دمشق، في مقابل الازدحام الشديد على القلة القليلة، التي ماتزال في الخدمة (من أصل 472 بقي نحو 250)، ويعزو المصرف التجاري ذلك، إلى عدم توافر قطع التبديل وتوقف الشركة الموردة عن تقديم خدمات الصيانة للصرافات الآلية بسبب العقوبات الاقتصادية، مع العلم أن صرافات المصارف الخاصة ما تزال تعمل على أكمل وجه في منأى عن العقوبات على ما يبدو.
القائمة تطول
المعاناة ذاتها تنطبق على شركة وسيم للألبسة الجاهزة، فهي واحدة من المنشآت التي تشكو من الافتقار إلى قطع التبديل، بسبب الحصار، ما تسبب في توقف آلات ضخمة عن العمل، وتعطل العديد من خطوط الإنتاج، لتنضم إلى قافلة طويلة من منشآت قطاع الدولة، التي أوقفتها كليا أو جزئيا الحاجة إلى بدائل، ومنها على سبيل المثال لا الحصر : شركة إسمنت طرطوس، محطة حاويات اللاذقية، شركة إطارات حماه، مؤسسة التبغ، المؤسسة العامة للألبان، شركة تاميكو، معمل سجاد السويداء.. إلخ
لا حياة لمن تنادي!
مع اقتراب العام الجديد لم يلمح قطاع الدولة أية بوادر قوانين أو إجراءات فعلية للنهوض بما دمرته الحرب، إذ ما تزال إعادة الإعمار حبراً على ورق، ولم تبذل تلك المحاولات الحكومية الضرورية لإنقاذ هذا القطاع، ومساعدته على استعادة دوره الحيوي في الاقتصاد السوري ، فيما يبدو أنه أشبه بإقصاء قطاع الدولة، تمهيداً لخصخصته تحت مسمى التشاركية، وهو ما يتضح جلياً حين يدور الحديث في الصحافة، أو ضمن أروقة الاتحاد العام، عن معاناة المعامل من نقص قطع التبديل، التي سرقت أو دمرت بفعل الحرب ما قاد إلى توقف كثير من خطوط الإنتاج، طبعاً إلى جانب المعامل المتوقفة تماماً.
وبعيداً عن المنشآت التي ما تزال قريبة من بؤر التوتر، وتلك التي دمرت بأكملها، أو لم يبق منها إلى الأطلال، فإن ثمة تساؤلات حقيقية تطرح، حين يتعلق الأمر بمصانع ومنشآت تتبع لقطاع الدولة وما تزال تنتج حتى الوقت الحاضر، ولكن إنتاجها في حدوده الدنيا لمجرد أنه تنقص هذه الآلة أو تلك قطعة ما؟
ليس مستحيلاً
والقطع التبديلية نوعان: منها ما يمكن تصنيعه محلياً، ومنها ما يتعذر تصنيعه، وهو ما اتسم بالتعقيد والتقنية العالية، مع العلم أن معظم الصناعات السورية لا تتطلب آلات معقدة، لاقتصارها على الصناعات البسيطة كالغذائية والنسيجية والكيميائية، فمثلاً: سبق أن أكد غسان السوطري رئيس نقابة عمال النفط والصناعات الكيميائية، في تصريح سابق له: أن كثيراً من الصناعات الكيميائية هي صناعات خفيفة، لا ترقى إلى مستوى تسمية صناعات كيميائية، لذلك فإنه من الممكن أن تتوفر ورشات داخل الشركات، تتولى تصنيع بعض القطع التبديلية الصغيرة التي تضمن استمرار العملية الإنتاجية، مشيراً إلى أن من الضروري، أن تتولى وزارة الصناعة إحداث وحدة اقتصادية مستقلة مخصصة لتصنيع القطع التبديلية، بهدف الاعتماد على الذات، وتأمين فرص العمل، وتوفير القطع الأجنبي.
القاسم المشترك
هي عشرات المنشآت، تجمعها الحاجة إلى قطع التبديل ، ويحول بينها، الحصار الاقتصادي كما يفترض، ولكن هل يعقل أن تعجز هذه المنشآت عن توفير ولو الحدود الدنيا من حاجتها إلى قطع التبديل، ولا سيما حين يدور الحديث عن إمكانية تصنيع الكثير منها محلياً أو استيراده من الدول الصديقة، فيما يصفه البعض بأنه تلكؤ وتقاعس متعمد عن إنقاذ قطاع الدولة من التراجع وسوقه نحو العجز والإفلاس، لفتح الباب أمام التشاركية، والتسويق لها باعتبارها ستخرج «الزير من البير» كما يقال وتعيد الأمور إلى نصابها.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 791