بصراحة أيها العمال انتبهوا... التماسيح قادمون
أظهرت التحضيرات الأخيرة لانتخابات مجلس الشعب الإمكانيات الهائلة لدى تماسيح المال من حيث الصرف على الحملات الانتخابية، واستئجار العشرات والمئات من الأفراد لخدمة هذه الحملات، لحصاد مقاعد المجلس.
هؤلاء لم يقدموا برامجَ انتخابية، ولم يقولوا أية كلمة واحدة للناس تتعلق بما يخططون له أو ما يريدون فعله داخل المجلس القادم، حيث كانت البرامج نادرة واقتصرت على بعض القوى الوطنية عبر من خلالها بعض المرشحين عن رؤيتهم فيما يتعلق بكرامة الوطن والمواطن، والاستعداد للنضال على أساس هذا البرنامج مع كل الوطنيين الشرفاء داخل المجلس وخارجه.
ولكن مجريات التحضير للانتخابات كانت تسير باتجاه وصول هؤلاء التماسيح إلى المجلس بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة على الرغم من العزوف الواضح عن الانتخابات لأعداد كبيرة وخطيرة من الشعب السوري، وذلك بسبب النتائج الفعلية التي لمسها الشعب السوري من أعضاء المجلس السابقين من حيث ثبات أن القسم الأكبر منهم إما أرقام للموافقة على ما يطرح دون النظر لمخاطره، أو عناصر غير آبهة بمصالح الناس وتسعى لتحقيق مصالح أصحاب رؤوس الأموال بطرح تشريعات وقوانين تمس مصالح الشعب السوري، وخاصة طبقاته الشعبية التي اكتوت ومازالت تكتوي بنار الغلاء وتكاليف المعيشة المختلفة التي تدهورت وتراجعت.
إن المجلس السابق لم يحرك ساكناً لمحاسبة الحكومة على أدائها وعلى دورها المفترض في الحد من الغلاء، وفي زيادة الأجور، وفرض الضرائب وتحصيلها من هؤلاء التماسيح، مع العلم أن القوى السياسية التي تنص في برامجها على الدفاع عن المصالح المختلفة للشعب السوري سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، (ومن ضمنها النقابات)،لم تستطع أن تنقل للشارع ما كان يدور داخل المجلس، ليكون الشارع سنداً لهم في دفاعهم المفترض عمن يمثلون داخل المجلس، خاصة وأنهم جميعاً يمثلون العمال والفلاحين.
والأدهى من ذلك أن القوى السياسية المختلفة تعلم مدى المخاطر الحقيقية التي سيمثلها وصول تماسيح المال إلى المجلس سياسياً واقتصادياً، حيث كان المطلوب تعبئة الطبقة العاملة السورية ببرامجها دفاعاً عن مصالح العمال والفقراء، لكي تذهب الأصوات بالاتجاه الصحيح الذي سيمكن من إيصال ممثليهم ومن يمثل مصالحهم الفعلية ويدافع عنها لسدة المجلس، بدلاً من الخلل الواضح الجاري الآن لصالح قوى السوق الكبرى وحلفائهم داخل الحكومة وخارجها، وهذا يعني قدرتهم على صياغة القوانين التي تعبر عن تحقيق أوسع لمصالحهم، وتمكنهم أكثر من صناعة القرار الاقتصادي، وصولاً للإمساك بالقرار السياسي مما يعني المغامرة بمصالح الشعب السوري الوطنية والاقتصادية، وعندما نقول إن قوى السوق الكبرى هي بوابات العبور للعدوان الخارجي، فهذا يعني تهيئة كل ما يلزم اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً لتلك القوى، لأن مصالحها حيث مصادر التمويل من الدولارات، وليس حيث الشعب السوري، ومن هنا فإن الخطأ الكبير الذي وقعت به القوى الوطنية بما فيها النقابات، وهو ترك الساحة لهؤلاء التماسيح لتسرح وتمرح، وتفعل ما تريد بنفوذها وأموالها للحصول على ما يلزمها للوصول إلى مقاعد مجلس الشعب، هو خطأ فادح.
إن الطبقة العاملة بقواها الحية مطالبة بالفعل الإيجابي للتصدي لهؤلاء التماسيح بعد أن مارس معظمها الفعل السلبي بمقاطعة الانتخابات، والفعل الإيجابي يعني تشديد النضال من أجل الدفاع عن الوطن بكل ما تعنيه الكلمة، والدفاع عن القطاع العام وإصلاحه وتخليصه من ناهبيه، وأيضاً تشديد النضال للدفاع عن الحقوق والمكتسبات التي يأتي في مقدمتها انتزاع حق الإضراب الذي سيمكن العمال من حماية حقوقهم وتحسين أوضاعهم المعيشية بزيادة أجورهم زيادة فعلية، وإعادة توزيع الدخل المنهوب لصالح هؤلاء التماسيح بما يلبي مصالح البلاد والعباد.