هل يفعلها المجلس العام؟
فالمجلس العام للاتحاد العام لنقابات العمال سيعقد أول جلساته اليوم فهل يفعلها المجلس العام؟
المجلس العام ومجمل القضايا؟
يعقد المجلس العام أولى جلساته اليوم، ليستكملها غداً، وعلى جدول أعماله الكثير من القضايا والملفات والأجندات، يمكن تصنيفها وفق أهميتها وضرورات المرحلة الحالية للطبقة العاملة والحركة النقابية، فبعض هذه القضايا كبير جداً ويمكن وصفه بالمصيري، والبعض الآخر يعتبر على درجة كبيرة من الأهمية، كونه أساسي، والبقية المتبقية هي عبارة عن ملفات مؤجلة، وطلبات مكررة تؤرق العمال وتضر بمصالحهم، ولكن يجب عدم السماح بتحولها لقضايا أساسية، تحرف المجلس وتلهيه عن الأمور المستعجلة والكبيرة، والتي لم تعد تحتمل أي تأخير أو تبرير، لما لها من تداعيات وانعكاسات لا يمكن لأحد التكهن بتفاصيلها، ولا تقديرها أو معالجتها لاحقاً، إنما فقط يمكن التوقع العام لها بمجرد أن قضى أحدهم يوماً واحداً مع العمال في مكان عملهم.
رسائل من العيار الثقيل
يعتبر انعقاد المجلس ذو أهمية كونه ينعقد بعد أن أكملت النقابات واتحادات المحافظات والاتحادات المهنية جميعها مؤتمراتها السنوية، مما يجعله قادراً على تجميع القضايا كافة التي طرحها النقابيون المؤتمرون الممثلون للعمال، من أصغر تجمع عمالي لأكبره، وبالقطاعين العام والخاص، ولهذا ستكون الفرصة مواتية لطرحها جميعاً ومناقشتها ووضع الآلية لمعالجتها، وكون تلك الملفات كلها التي تحتاج لمعالجة هي في يد الحكومة، والتي ستكون حاضرة في اليوم الثاني كما جرت العادة، فأمام أعضاء المجلس العام مهمة توجيه رسائل واضحة للحكومة، ومن العيار الثقيل، كي تجبرها على التوقف عن سياساتها الاقتصادية والنقدية، التي أضرت بالطبقة العاملة وأفقرتها.
لقد آن الأوان للحركة النقابية أن تعلن نفاذ صبرها من هذه السياسات، ولتثبت ذاتها ووزنها وعراقتها النضالية، فلا أحد أقدر منها على إيقاف هذه الإجراءات الحكومية, كونها الممثل الأساسي للطبقة الأوسع في المجتمع السوري, وكونها الطبقة الأكثر خسارة والأشد تضرراً من باقي الطبقات الاجتماعية، فالعمال يعيشون حالة لا يحسدون عليها، والقطاع العام، وخاصة الإنتاجي، يعاني الكثير من الصعوبات والمعيقات.
الوضع المعيشي أهم القضايا
تتصدر عدة مسائل كبرى قائمة المهام، كونها حضرت بقوة في المؤتمرات جميعها التي عقدت بالأشهر الماضية، وأولها الوضع المعيشي للطبقة العاملة وذلك الفارق الكبير بين الأجور والأسعار، فمتوسط الأجر لا يتجاوز الـ 26 ألفاً، في حين أن الحاجات الأساسية الضرورية، المعيشية منها والخدمية، للأسرة السورية تقدر بـ170 ألف كحد أدنى، ولن يكون غائباً عن ذهن المجلس أسباب هذا الوضع الكارثي، فالسياسات الاقتصادية الحكومية، وسياسات المصرف المركزي، وقوى الفساد الكبير، هي العوامل الأساسية، وليس كما تدعي الحكومة التي ترمي بكل ذلك على الأزمة تارة، وعلى نقص الموارد تارة أخرى .
بعد النتائج تأتي المحاسبة
إن الحركة النقابية، عبر مجلسها العام، قادرة على دحض ادعاءات الحكومة، وتحميلها مسؤولية التدهور الاقتصادي والمعيشي، ولن تستطيع الحكومة أن تتهرب بخطابها المعهود وردودها المضللة، ولم تعد قادرة على الاستمرار بالمواربة أمام الطبقة العاملة، فالأمور تقاس بنتائجها، وها هي النتائج تستمر بالظهور تباعاً بشكلها الفاقع، فالعمال وأسرهم باتوا تحت مستوى خط الفقر بكثير، والقطاع العام يعاني من الكثير من الصعوبات وأهمها نقص الاعتمادات الاستثمارية، ونزيف الكوادر الخبيرة والمؤهلة، وهذا بحد ذاته نتيجة كافية كي تبدأ المحاسبة للحكومة بسياساتها، وللفاسدين بما نهبوا.
التشاركية على جدول المجلس
قانون التشاركية كان حاضراً في المؤتمرات جميعها، ولن يغيب كذلك عن المجلس العام، وأغلب الظن بأن الموقف من هذا القانون سيكون أكثر وضوحاً من المواقف السابقة، كون الموضوع قد أخذ وقته من النقاش ضمن الحركة النقابية وفي مؤتمراتها، ووضحت مخاطره الكبرى على الوطن والمواطن، كونه الطريق المختصر للخصخصة التي تعني تسليم القطاع العام لأصحاب رؤوس الأموال، مما يعني زيادة وزنهم في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وتراجع لدور الدولة.
يسجل للطبقة العاملة، التي طالما حرصت على القطاع العام، هذا الموقف إلا أنها أصبحت أشد حرصاً بعد ما خبرت، مع بقية شرائح المجتمع، خلال الأزمة أهمية القطاع العام وضرورة التمسك به، وتخليصه من الفساد المتمركز في مفاصله، والممانع لتطوره المفترض.
أمنيات من رحم الوجع والفقر
شاءت الأقدار أن ينعقد المجلس العام لمنظمة الاتحاد العام لنقابات العمال في مرحلة هامة ومفصلية، حيث بدأت عجلة الحل السياسي تدور بتسارعها المتوقع، فاستبشر الناس، وفي مقدمتهم الطبقة العاملة خيراً باقتراب خلاصهم، وعليه فإن الحركة النقابية مطالبة اليوم بأن يكون صوت المجلس وموقفه يعكس بصدق أوضاع طبقتنا العاملة، وأن يتحد مع ألآمهم وأوجاعهم وفقرهم وبردهم وحرمانهم، وأن يحترم صمودهم وعرقهم وتضحياتهم، وأن يكون صوتهم العالي وطليعتهم التي لا تخشى أحداً في دفاعها عن الوطن، وفي الدفاع عن الاقتصاد الوطني، وعن الحركة النقابية ووحدتها واستقلاليتها، ودورها وإرثها النضالي الذي لا تفريط به أبداً.