من الأرشيف العمالي: ضرورة لا تقبل التأجيل
يزداد تعقد الوضع في المنطقة ويشتد الضغط على سورية خارجياً وداخلياً، فالوضع في العراق يسير إلى استعصاءات لا حل سياسياً لها، مما يزيد من احتمالات الصدامات الداخلية التي تسعى إليها قوات الاحتلال الأميركية, وتوفر لها الأجواء المناسبة.
أمام هذا الوضع المتأزم
لا يبقى للقوى الوطنية الحقة، الموجودة في النظام وخارجه، إلا طريقاً واحداً هو الاستقواء بالداخل عبر الانفتاح عليه، والاعتماد على قوى المجتمع، لتحصين البلاد أمام المخاطر الكبرى التي تواجهها, والتي لم تواجه مثلها في العصر الحديث, وخاصة أن الضغوطات الداخلية تتصاعد، وتأخذ أسوأ الأشكال التي توقعناها، والتي تدخل في سياق ما سميناه سابقاً، بالحل المركب للضغط على سورية, وهي ذات أشكال عديدة: اقتصادية يعبر عنها اتجاه قوى السوق الكبرى، لتجيير مفهوم اقتصاد السوق الاجتماعي لمصلحتها, وسياسية، تعبر عن نفسها بمحاولة زيادة مساحة بؤر التوتر الداخلية، وإشعالها بهذا القدر أو ذاك.. واجتماعية، تستند إلى نقاط التصدع في المجتمع، نتيجة المشاكل الموجودة فيه وخاصة البطالة وانخفاض مستوى المعيشة.
وهنا يبرز اتجاهان خاطئان: الأول يهوّن، والثاني يهوّل, فالأول: يعتبر أن الأخطار ليست كبيرة، إلى الدرجة التي تتطلب إجراءات استثنائية، لاستنهاض قوى الشعب. والثاني: يعتبر أن الأخطار هي قدر لا مرد له، ويجب الانحناء أمامها والانصياع لها.
من هنا يرتدي أهمية كبرى، سؤال: الوحدة الوطنية مع من ولماذا؟!
لذلك إذا اتفق الوطنيون المخلصون، أن الخطر هو العدوان الأمريكي-الصهيوني، وهو ليس خطراً على نظام بحد ذاته, بل على الوطن كبنية دولة، وعلى المجتمع كتركيبة تاريخية, وإذا اتفقوا أن لهذا الخطر مفرداته الداخلية، المتمثلة بقوى الفساد الكبرى، التي هي نقاط الارتكاز الأساسية للعدو الخارجي، لأصبح الجواب واضحاً: وحدة مع من ولماذا؟!
إن السياج الوحيد للدفاع عن الوطن، هو سياج الجماهير الشعبية عماد الوحدة الوطنية، التي بالدفاع عن لقمتها وكرامتها يتوفر الأساس الناجح للإستقواء بالداخل، ضد مخططات الخارج، مهما كان هذا الخارج قوياً, فالطرف الأضعف هو الطرف الأقوى، إذا توفرت لديه الإرادة السياسية للمواجهة، والإرادة السياسية كما برهنت تجربة التاريخ, ذراعها الوحيد هو: الشعب وقوى المجتمع الحية المستعدة للتضحية، إذا اقتنعت أن من يدير هذه العملية أهل للثقة عبر الممارسة العملية, لأنه يعبر عن مصالحها بالفعل وليس فقط بالقول.
قاسيون العدد252 تاريخ 21/7/2005