من الأرشيف العمالي: لقمة الشعب

مع إطلالة العام الجديد، أقدمت الحكومة على تقديم «هدية» جديدة لجماهير الكادحين والشغيلة الفقراء وذوي الدخل المحدود فقد نشرت الصحف اليومية بتاريخ 25/12/1988 خبراً بعنوان «إنتاج خبز محسن بسعر أربع ليرات للكيلو غرام. وأكد الخبر بأن إنتاج هذا الخبز (الجديد) سيكون محدوداً وأن الخبز العادي (لاحظوا العادي) سيكون متوفراً كالمعتاد وبسعر الكيلو 150 ق.س.

لقد أصبح من الصعب بل من المستحيل أن يخدع أيٌّ كان جماهير الشعب، ففي كل مرة ارتفع فيها سعر الخبز خلال السنوات العشر الأخيرة، كانت هذه الأسطوانة تتكرر وتكون مقدمة لرفع سعر الخبز بعد فترة قصيرة. إن وحش الغلاء المخيف الذي شمل جميع المواد الضرورية والأساسية للمواطنين والذي أصبح في الفترة الأخيرة يرتفع بنسب لا تتحملها قط جيوب ذوي الدخل المحدود أدت ومنذ سنوات إلى أن تعيش أعداد أكبر فأكبر من الجماهير الشعبية والفقيرة على الخبز والشاي، فهل أكثر من ذلك؟ وهل يعتقد مخرجو وصانعو سيناريو الأسعار والقيمون على الاقتصاد أن الجماهير ستتحمل البقاء على الشاي فقط؟! وهل الدولة أصبحت غير معنية بدعم المواد الغذائية الأساسية؟. إن السعر الجديد لكيلو الخبز يؤكد مرة أخرى الهوية الطبقية للإجراءات الاقتصادية والتموينية سيئة الصيت، والتي ترمي بثقلها على عاتق الجماهير الشعبية والكادحين عموماً، إذ لم يعد يكفي على ما يبدو، وحرمانهم من طعم اللحم والفاكهة وضرورات الحياة المعيشية ولم يعد يكفي ما يعانون يومياً من مشاكل وأزمات ينتظرون حلولاً لها منذ سنوات دون أن تلقي كل شكاواهم آذاناً صاغية، ولم يعد يكفي حرمان عشرات الآلاف من الشباب من فرص العمل نتيجة قرار وقف التعيين منذ أربع سنوات. لم يعد يكفي كل ذلك وكان «لابد» من المتابعة في سلسلة الأسعار الجنونية التي تضيق الخناق على رقاب الكادحين وتزيد المآسي التي تعيشها عائلاتهم. كل هؤلاء الكادحين يتساءلون: إلى متى؟! ولسان حالهم يقول: هل يعقل أن يستخف بعقول الناس صانعي الخيرات إلى هذا الحد؟
إن رفع سعر الخبز هو استفزاز وتهديد بالجوع لأوسع الجماهير الكادحة ولا نبالغ إذا قلنا إنه يهدد الوطن أيضاً بمواقف لا تحمد عقباها نتيجة هذه السياسة الاقتصادية التي تخدم الأثرياء والبرجوازيتين البيروقراطية والطفيلية.
إننا مع جميع الكادحين وفقراء هذا الوطن نطالب برغيف جيد وسعره رمزي ومتوفر للجميع، وكفى تحميل الناس الفقراء والمعوزين وذوي الدخل المحدود اثقالاً جديدة والتي أصبحت ظاهرة في كل أسبوع أو شهر.

قاسيون العدد 111 كانون الثاني 1989