بصراحة: النضال المطلبيّ كمشروع عمل
كان ومازال النضال المطلبي بأشكاله المختلفة من صلب عمل النقابات، وأحد مبررات وجودها، ودليلاً على جدية أي تنظيم نقابي من عدمه، وذلك بغض النظر عن القوى السياسية التي تنشط بين الطبقة العاملة، فتعدد التيارات السياسية لا يتناقض مع وحدة مطالب الحركة النقابية على الأقل في الجانب المطلبي منه، ناهيك عن البعد الوطني العام كشرط ملازم لأي عمل نقابي حقيقي، والتجربة الملموسة تقول بأن البعد المطلبي والبعد الوطني في الحركة النقابية متكاملان، كل منهما يعزز الآخر، وكل منهما يعطي الزخم والمشروعية للآخر، وليس كما يشاع أو يروّج بضرورة ترحيل المطالب العمالية إلى ظروف أخرى.
إن المطلوب من المؤتمر العام لنقابات العمال أن يحدد توجهات الطبقة العاملة بالاستفادة من تجربة الأزمة التي تمر بها البلاد، فلم يعد ممكناً دفاع النقابات عن استراتيجية الحكومة وخططها وسياساتها وخصوصاً الاقتصادية – الاجتماعية في الظرف الحالي، ولم يعد ممكناً بالتالي هيمنة حزب على القاعدة النقابيّة خلافاً للدستور الجديد الذي ألغى المادة الثامنة الخاصة بهذا الشأن. بل يجب أن يكون هدف الحركة النقابيّة العملي الحفاظ على مكتسباتها، ووضع مطالب وحقوق العمال في أولوياتها والانطلاق منها، بحيث يتحرر العمل النقابي من بعض القيود التي تكبله.
إن الطبقة العاملة وعبر التاريخ كانت تقدم دمها من أجل حقوقها، ولم تتخل يوماً عن نضالها الطبقي، بل كانت تجبر الحكومات على الرضوخ لمطالبها وخوض حوارات معها، وبما أنّ الوضع العماليّ يفرض على المنظمة النقابيّة أن تكون مجموعة ضغط للدفاع عن الحقوق والمصالح الماديّة والمعنويّة لها، فإنّ كلّ ما يتعلّق بهذه المصالح أو يمسّها، يجب أن يكون من صلب العمل النقابيّ والنقاشات التي ستدار في جلسات المؤتمر، سواء كان ذلك على الصعيد الاقتصادي - الاجتماعي أو حتى الإصلاح السياسي. وأن لا يعاب على المنظمة النقابيّة إبداءها لموقف معارض للسياسات الحكوميّة خاصة تلك المتجهة نحو الخصخصة وبيع القطاع العام أو الليبراليّة الاقتصاديّة. باعتبارها تتناقض موضوعياً وواقعياً مع مصلحة الطبقة العاملة. فكرامة العامل من كرامة المواطن وكرامة كلاهما من كرامة الوطن التي هي فوق كل اعتبار. فهل سيكون المؤتمر العام لاتحاد نقابات العمال في دورته السادسة والعشرين نقلة تاريخيّة في تاريخ الحركة في ظلَّ الأزمة الوطنيّة العميقة.