من الأرشيف العمالي: المهمة الأساسيّة
تتميز السنوات الأخيرة في سورية، بأن الطبقة العاملة يزداد وزنها باستمرار في حياة البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكذلك تتطور حركة العمال النقابية، وكل ذلك يجري رغم جميع الصعوبات، ورغم حرمان الشعب حرياته الديمقراطية، ورغم حرمان العمال حرياتهم النقابية والتضيق عليها بشتى الوسائل.
إن العمال السورين سواء عن طريق منظماتهم النقابية أو عن طريق نضالاتهم المباشرة بمختلف الأشكال يؤثرون أكثر فأكثر في حياة سورية العامة، ويتجه نضال جماهير العمال في الوقت الحاضر إلى السعيّ لتثبيت وتنفيذ المكتسبات التي حصلوا عليها بنتيجة كفاحهم الطويل وتوسيع هذه المكتسبات، وتوفير الحريات النقابيّة والديمقراطيّة والتصديّ لأساليب الحكم الديكتاتوريّة وإحباطها، والنضال مع كل جماهير الشعب في سبيل حكم وطنيّ ديمقراطيّ.
هذا وقد طرأت في المدة الأخيرة بعض التغييرات على أوضاع العمال، فقد ازدادت أسعار المواد المعاشية، كما أن البطالة والتسريحات أخذت تزداد في بعض المعامل.
إن البطالة وغلاء المعيشة أخذا يفتكان بالعمال مما يزيد الاستياء بين أوساط واسعة من الطبقة العاملة. ورغم أن الظروف السياسية والاقتصادية تزداد وطأة على الجماهير الشعبية خصوصاً بسبب فقدان الديمقراطية والحرية، فمن الممكن رغم ذلك كله رد الكثير من المساوئ وتحقيق بعض المطالب بواسطة اتحاد العمال ونضالهم. وذلك لأن الحكام الذين يشعرون بضعف حكمهم، يجدون أنفسهم مجبرين على تلبية بعض المطالب، على الأقل، إذا وجدوا أنفسهم أمام ضغط شعبيّ وإرادة نضاليّة يبديها العمال.
ولا ريب أن جماهير العمال يشعرون بالوضع الذي يتردى فيه الحكم، وبما يقاسيه من تناقضات ومصاعب، ويدركون أن الوقت مناسب للحصول على بعض الحقوق وعلى قسط أكبر من الحريات الديمقراطية. وينعكس هذا الجو السائد بين الجماهير العاملة في كثرة ما يبديه العمال من شكاوى وما يقدمونه من مطالب مختلفة إلى المسؤولين مع الإصرار على تحقيقها.
وهكذا فإن العمال السوريين على أساس تجربتهم السياسية الغنية يشعرون، رغم جميع مظاهر التهويل والتضليل التي يلجأ إليها الحكام، أن الجو السياسيّ العام ملائم ومؤات لكي تحقق الطبقة العاملة بعض النجاح في الحصول على العديد من حقوقها. ولا ريب أن هذا النجاح ممكن تماماً إذا وضعت المطالب والشعارات على أساس دراسة صحيحة وعميقة للوضع والإمكانيات، وإذا اتجه العمل والنضال في سبيلهما اتجاهاً يحرك جماهير العمال ويجند قواهم ويوحدها.
أمام كل ذلك يبدو كم هي جسيمة وهامة المهمات التي تلقيها الظروف على عاتقنا فيما يتصل بالعمل والنضال في صفوف الطبقة العاملة وفي حركتها النقابيّة.
حياة الحزب العدد 8 أيار 1964