مفهوم «وحدة الحركة النقابية» وثوابت وجودها
ارتفعت وتيرة النقاشات في أروقة الحركة النقابية المتعلقة بمجمل القضايا الخاصة بالعملية الانتخابية، قبل أن تبدأ الانتخابات العمالية النقابية بأسابيع عدّة، وعلى وجه الخصوص دور الانتخابات في موضوعة «وحدة الحركة النقابية» كضرورة وطنيّة بالغة الأهمية في هذه المرحلة الكارثية من عمر الأزمة السورية الوطنية العميقة والشاملة.
إن وحدة الحركة النقابية، تصلح أن تكون نواة وحدة وطنية شاملة تحتاجها البلاد في الدفاع عن الوطن وسيادته؛ ووحدة أراضيه ومقدراته ومؤسساته، مما يمكَّن الطبقة العاملة من تحمل واجبها الوطنيّ المناط بها في هذا الاتجاه، وإن كانت هذه النقطة هي بدء نقطة التوافق بين جميع المتحاورين على اختلاف انتماءاتهم السياسية؛ إلا أن مفهوم وحدة الحركة النقابية وعوامل وجودها مصدر تباين في الرؤيا بين رأيين اثنين.
الموقف التقليديّ من «الوحدة»
أحدهما يلقيّ رواجاً كبيراً بين أغلب القيادات النقابية؛ من خلال تبنيّ الآليات السابقة في عمليات الترشح والانتخاب المتمثلة بالقوائم المغلقة للمرشحين، وفق معيار المحاصصة الجبهويّة، إضافة للتعيين المدروس والتزكية المحسوبة بدقة؛ والتي من وجهة نظر هذا الرأيّ الضامن الوحيد لتعزيز وحدة الحركة النقابية، مع ضرورة التغيير التي تتلخص بأمرين أساسيين.
أولهما: تغيير شكل المحاصصة بما يتناسب مع تغير الخارطة السياسية؛ وما طرأ عليها من تراجع قوى.. وتقدم أخرى.. وولادة قوى وأحزاب جديدة.
ثانيهما: تغيير بعض القيادات الذين لم يقدموا الأداء القويّ بأعضاء آخرين أكثر حيويّة ودراية بالواقع المستجد، وأكثر رغبة بالعمل النقابيّ مع الحفاظ على النهج العام، والعقلية الثابتة.
الإرادة الشعبية ومضمون الوحدة
مقابل هذا الرأي التقليديّ هناك الرأيّ الآخر الذي تجلى من خلال البرنامج الانتخابيّ العماليّ لـ«حزب الإرادة الشعبية» والذي طرحه الحزب بالتزامن مع الإعلان عن موعد الانتخابات النقابية، وإبراز ضرورة توحيد الحركة النقابية؛ ومفهوم وحدة من هذا القبيل، وعوامل وجودها منطلقاً من فهم الواقع وقراءة التجارب السابقة، إذ أكد أن استعادة الدور الوظيفيّ للنقابات من خلال ممارسة دورها الوطنيّ والطبقيّ في الدفاع عن حقوق الطبقة العاملة ومكتسباتها، وتمثيلها بشكل كامل وفاعل، وإزاحة جميع العراقيل أمام استقلاليتها، ومنع أشكال الهيمنة والوصاية عليها؛ عوامل أساسية لتكَون وحدة الحركة النقابية، والطبقة العاملة وتعزيزها، فالطبقة العاملة قادرة بوعيها التام لواجبها الوطنيّ، ولمصالحها الطبقية من اختيار ممثليها للمرحلة القادمة، وهي الوحيدة التي تستطيع إيصال مرشحها المعبَّر عنها تعبيراً جوهرياً وحقيقياً.
إن كل حالة إصرار على العمل بعقليّة المادة الثامنة القديمة من الدستور، والتقاليد الجبهويّة وعدم التمثيل الحقيقيّ للقطاع الخاص في التكوين النقابيّ، والذي كان واضحاً بعدم تنفيذه عملياً مع بداية الانتخابات الحالية؛ تهديد مباشر لوحدة الحركة النقابية والطبقة العاملة، وعائق جديد في وجه تقدّمها في ظروف تحتاج فيه البلاد لإنجاز تغيير جذريّ حقيقيّ شامل يوحد السوريين، وفي مقدمتهم الطبقة العاملة في مواجهة أعداء الوطن في الداخل والخارج وصولاً للانتصار المنشود!!.