قراءة في البرنامج العماليّ الانتخابيّ لحزب الإرادة الشعبية
يتميز البرنامج الانتخابيّ العماليّ لحزب الإرادة الشعبية، الذي أصدره الحزب مؤخراً بالتزامن مع بداية الترشيحات لانتخابات الدورة السادسة والعشرين لنقابات العمال، بالفهم العميق لواقع المرحلة السابقة قبل الأزمة وأسباب تفجرها، وبرؤية موضوعية لطبيعة الأزمة الوطنية الشاملة العميقة بشكل عام، ولواقع الحركة النقابية والطبقة العاملة بشكل خاص.
كما يتضح الانسجام التام بين مكونات البرنامج من مقدمة ورؤية، وقضايا وطنية وسياسية واقتصادية - اجتماعية، تؤهله ليكون منطلقاً نضالياً للطبقة العاملة يصل بها لإنجاز التغيير المطلوب الذي تطمح له فئات شعبنا الكادحة وعلى رأسها الطبقة العاملة، وتبرز أولوية القضية من الجملة الأولى في البيان (من أجل الدفاع عن الوطن) باعتبار هذه القضية منطلقاً أساسياً لطرح القضايا الأخرى كافة، ومعياراً شرطياً لها، فإن الموقف الوطنيّ للطبقة العاملة والحركة النقابية كان ومازال موقفاً ملازماً لتاريخها النضاليّ والطبقيّ والسياسيّ منذ تشكلها، فخاضت ضمن الشعب ومعه جميع مراحل نضالاتها من مقاومة الاستعمار والاستقلال فيما بعد، مروراً ببناء الدولة الوطنية كمدافع بارز عن وحدة الدولة وسيادتها والمحافظ على مؤسساتها واقتصادها وانتاجها، وتجلى الموقف ذاته من خلال الأزمة الراهنة هذا الموقف الواعيّ الذي لم ينجر للتطرف المسلح الهادف لإسقاط الدولة ومؤسساتها تحت شعارات سياسية مختلفة، وأخذ العمال دورهم الوطنيّ باستماتة في الدفاع عن الدولة ومنشآتها ومعاملها بغض النظر عن مواقفهم السياسية وتموضعهم الحزبيّ، وقدم العمال مئات الشهداء والجرحى وآلاف المتضررين من رفاقهم، وأكدوا إصرارهم على البقاء على رأس عملهم وخلف آلاتهم واستمرار الإنتاج.
إن هذا يتطلب عدم الاستمرار بالسياسات الاقتصادية - الاجتماعية الليبرالية التي أضرت وماتزال بمصالح العمال ومكتسباتهم التراكمية وحقوقهم ومعيشتهم، وكذلك بعدم الاستمرار بتغيب الحريات السياسية والنقابية، والتي دونها تفقد الطبقة العاملة وتمثيلها النقابيّ القدرة على مواجهة قوى الفساد الكبير المستشريّ داخل جهاز الدولة وخارجه، وتمنعها من ممارسة دورها في الحياة السياسية العامة؛ وإنجاز الحل السياسي الكفيل بالخروج من الأزمة الشاملة، ومتابعة دورها في الدفاع عن الوطن وسيادته ووحدة أراضيه ومؤسساته واقتصاده.
إن أيَّ كلام عن ضرورة تعزيز الموقف الوطنيّ للطبقة العاملة في مواجهة أعداء الخارج والداخل دون تبنيّ حقوقها ومصالحها كافة، هو كلام يبقى في إطار الشعارات ليس إلا.. وكل محاولات فك الارتباط الموضوعيّ بين الموقف الوطنيّ والحريات والحقوق هي محاولات منع الطبقة العاملة من ممارسة دورها في الدفاع عن الوطن.