آة يا وطن

صديقي العزيز أبو يسار، والذي لا ألتقيه إلا في المناسبات والمؤتمرات النقابية.. دخل إلى قاعة مؤتمر اتحاد عمال دمشق وهو النقابي المتقاعد...

سألته: لماذا تصر على حضور المؤتمر السنوي لاتحاد عمال دمشق؟.

نظر إلي وقال: «لشوف كيف عم تحافظوا على الأمانة »

قلت: أية أمانة ؟.

قال: «الأمانة التي حافظنا عليها بظل أعتى الديكتاتوريات وكما تعرف، فأنا من القلائل الباقين من النقابيين.. الذين تركنا أولادنا وبيوتنا لتأسيس هذه الحركة، حافظنا عليها رغم كل شيء.. العمال هم منتجو الخيرات المادية للبلاد.. هم سياج الوطن، لا تنظروا إليهم على أنهم من الدرجة الثانية أو الثالثة فبحسهم الطبقي يستشعرون الخطر». 

قلت متسائلاً: هل تخشى علينا أم على الحركة النقابية التي أسستموها؟.

فقال وهو يتنهد: «أخاف على الحركة النقابية منكم!!فأنتم لا تعرفون قيمتها.. لأنكم لم تتعبوا بتأسيسها! عرفتم الحركة النقابية، ووصلتم إلى سدة قيادتها دون تعب! حتى العمال لا يعرفونكم جيداً، لأنكم المحظيون والمقربون من.. ومن.. لا يعرفون مواقفكم! ولا نضالاتكم.. بل لا يعرفون إلا خطاباتكم!!».

 قلت: «طول بالك يا رجل، والله نحن موهيك، سماع شو سوينا خلال سنة»: «لقد رفعنا مذكرة للاتحاد العام نطالب فيها بالسعي لدى الحكومة لتخفيض سعر الكهرباء.. طالبنا بمذكرة ثانية بتعديل قانون العمل 91.. طالبنا بربط الأجور بالأسعار.. ولعمال القطاع الخاص طالبنا بمذكرة نحث فيها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لتصرف زيادات الأجور لعمال القطاع الخاص. بس ما كنا نعرف أن الوزارة صارت تمثل أرباب العمل ، مو العمال، ولك شو ذنبنا قلي؟ ما هيك الدنيا صارت.. كل الدنيا بالمقلوب!!، لقد تصدينا لكثير من القضايا التي تهم العمل والعمال، فرفعنا بها مذكرات وفي كل مؤتمر نطالب ونطالب، وشعارنا لا يموت حق وراءه مطالب».

ضحك أبو يسار وقال: «شفت رفعتو مذكرات.. لك بلوها وأشربوا ميتها! وتدافعو عن مصالح العباد، يا رجل والله ما عم تدافعو غير عن امتيازاتكم وسياراتكم وتعويضاتكم».

أبو يسار ليش عم تظلمنا؟.

أنا ما بظلم حدا.. الوطن.. آه يا وطن.. الوطن رجال.. ما بدو سماسرة.. والله لوحلوا الحركة النقابية لتبعتوا برقية تأييد!!.

خاف الله يا رجل نحن مثلك وأكثر.. بس متل ما بتعرف عم نتصرف كما يقول المثل«لا يموت الديب ولا تفنى الغنم.. يا رجل».

ضحك أبو يسار من هذا الكلام.. «ومشى وهو يسب ويلعن أبو الديب تا يلحقو الغنم.. أصلاً ما قتلتنا غير طباع الغنم.. إلى متى سنبقى غنماً؟ آه يا وطن!!».

قاسيون العدد 245 نيسان 2005