تحصين مناعة الوطن

تحصين مناعة الوطن

نقول بكل صراحة إنه على مدى السنوات السابقة هناك أمراض رافقت العمل الجبهوي، ومنها النزوع نحو المكاسب، واستسهال العمل من فوق، وإدارة الظهر للجماهير، والبطش بالرأي الآخر سواء على المستوى العام أو على مستوى كل حزب.

آن لنا أن نعي هذه الحقائق، ليس من باب تسويد صفحاتنا بعضاً، وإنما من باب الحوار حول الحاضر والمستقبل، فهما جديران بالحوار والإنقاذ. هذه مسألة أساسية بعيداً عن كل ما تطرحه القوى والدوائر الأجنبية وبعض المتجاوبين معها من أهل الداخل حول الليبرالية الجديدة ومشروع الشرق الأوسط الكبير والصغير ومفاهيم الإصلاح والديمقراطية. نقول وبعيداً عن كل ذلك، ولدينا ملاحظات على كل ذلك، ولدينا آراء في أن الليبرالية الجديدة لا يمكن أن تجلب إلا المزيد من القمع وخاصة السياسي، والمزيد من الإفقار. بعيداً عن ذلك فمن حق الشعب السوري أن يطرح مفهومه الخاص الوطني الخالص، سواء حول الإصلاح أو حول الوضع الداخلي، لأننا نعتقد أن الدفاع عن الوطن، والمجابهة تمر بتأمين كرامة المواطن، لأنه بنهاية المطاف كرامة الوطن هي مجموع كرامات الناس الذين يدافعون عنه، ونعتقد أن أكبر معتد على كرامة الوطن والمواطن هو قوى السوق والسوء بوجهها الاقتصادي والسلطوي التي تنهب الدولة والمجتمع معاً، ونحب أن نسمي الاشياء بمسمياتها، ونضرب مثالاً على ذلك من كلام وزير المالية في مؤتمر صحفي:

إن هناك تهرباً ضريبياً من القطاع الخاص قدره 200 مليار ليرة سورية إخواننا الاقتصاديون يحسبونها، إنه عندما يزيد الراتب 20% فمحصلة هذه الزيادة تساوي 20 ــ 30 ملياراً وبشكل أدق 23 ملياراً، لكن تخيلوا أن مقدار التهرب الضريبي هو 200 مليار ليرة سورية! لماذا لا يستخدم قانون الطوارئ ضد هؤلاء لماذا؟. هذا سؤال مطروح، ومن حقنا جميعاً أن نطالب باستخدام قانون الطوارئ ضد هؤلاء. هذه مسألة أساسية، ونحن نطرح هذا بشكل مجازي أما حول الاستقواء بالأجنبي فإننا نذكر بمصير من خانوا وطنهم وتوهموا أن الأجنبي يمكن أن يجلب لهم (كرامة أو معنوية). إن التاريخ سجل نقاطاً مشرفة في سجل المقاومين، ونقاط عار في سجل الخائنين إن من الأمور الهامة جداً اليوم أن تجتمع القوى والشخصيات الوطنية حول طاولة واحدة تبحث شؤون الوطن، وتصل إلى صياغة ميثاق وطني جديد يحصن مناعة الوطن، فنحن أمام عدوان متسارع في زمن متناقص.

قاسيون العدد /220/ نيسان 2004