في الأول من أيار.. العاملة السورية بين الواقع والتحديات
خلال عامين ونيّف من عمر الأزمة السورية لاقت النساء السوريات على اختلاف شرائحهن وانتماءاتهن مختلف أنواع المتاعب والمصاعب على كل المستويات الاجتماعية منها والاقتصادية و.. الخ، ذلك أن المرأة في كل المجتمعات، وعلى مرّ العصور تبقى المتضرر الأكبر، ودافع الضرائب الأول في المتغيّرات التي تطال المجتمع سياسية كانت أم اقتصادية أم سواها، فكيف إذا كانت هذه المتغيّرات على شكل أزمة مسلّحة طالت البشر والحجر والهواء في البلاد، ولم تُخلّف غير الكوارث الإنسانية التي جعلت من الحياة اليومية هموماً لا تُطاق، وأحمالاً تنوء بها الجبال..؟
كل هذا استدعى ويستدعي من المرأة عموماً والعاملة بشكل خاص نضالات لا تنتهي ابتداءً من تأمين لقمة العيش، وليس انتهاءً برفض التمييز ضدّها في المجتمع، والقوانين والشرائع التي لا ترى فيها سوى كائن (لا إنسان) بمرتبة أدنى تابع للرجل، وأداة لمتعته ووعاءً لإنجاب نسله على مختلف العصور.
ففي القطاع الخاص تكون المرأة العاملة الضحية الأولى في تشريعات العمل عندما يفكر أرباب العمل بتخفيض الأجور، حيث يكون لها النصيب الأكبر من هذا التخفيض، أو إذا ما تمّ التفكير بتقليص اليد العاملة تحديداً في الظروف الراهنة، تكون المسرّحة أولاً، وعندما تُستهدف في الأجر أو التسريح، تضيع في ظل هذا الوضع الكثير من حقوقها المادية والمعنوية التي استوجبها قانون العمل رقم/17/ لعام/2010/ (والذي حابى أرباب العمل على حساب العمال) من مثل إجازة الأمومة، حيث تضمّن هذا القانون وجوب منح العاملة في القطاع الخاص إجازة أمومة مدفوعة الأجر مثلاً، غير أن الواقع العملي يكون مخالفاً لذلك، حيث تُفصل الكثير من العاملات قبل موعد الولادة من أجل التهرّب من منحهن إجازة أمومة مأجورة، وفي أفضل الأحوال ربما تكون إجازة بلا أجر يُسمح بعدها للعاملة بالعودة إلى العمل مجدداً ودون تعويضات، طبعاً كل هذا خارج مظلة الحماية التأمينية بسبب تهرّب أرباب العمل من تسجيل الكثير من عمّالهم وعاملاتهم في التأمينات الاجتماعية، ناهيك عن ظروف وطبيعة العمل القاسية التي تعيشها المرأة في هذا القطاع.
أما في القطاع العام- الحكومي، والذي يُعتبر في أسوأ حالاته أكثر ضماناً وحماية للمرأة منه في القطاع الخاص، نجد أن العاملة فيه مشتتة ما بين الواجب الوظيفي، وضرورة التقيّد الشديد بساعات العمل الذي فرضته مؤخراً تعاميم رئاسة الوزراء دون الأخذ بعين الاعتبار الوضع الأمني الذي تعيشه معظم المناطق، ولا وضع النقل وأزماته ما بين البيت والعمل في ظل إلغاء وسائط النقل الجماعي الحكومية، لاسيما للريف بعد تعرّض بعضها للحرق أو الخطف، لتكون تلك العاملة في كثير من الأحيان عرضةً للعقوبات إن لم يكن للتسريح بسبب التأخير المتكرر أو التغيّب المتواصل عن العمل، ما يدفع بالكثيرات لطلب إجازة بلا أجر تزداد معها المعاناة الاقتصادية، ولاسيما إذا ما علمنا أن العديد من أسر العاملات تعتاش على رواتبهن فقط.
يُضاف إلى مجمل هذا الوضع نزوح بعض أولئك العاملات من مناطق سكناهن، أو تهدّم منازلهن التي استنزفت جهد السنين لينتهي بهن المطاف إلى الاستئجار الذي حلّقت تكاليفه فبات من ضرب الخيال أن تجد بيتاً لا يستنزف الراتب بمجمله إن لم يكن أكثر.
إن المرأة بشكل عام تقف حائرة جاهدة كي توازن ما بين المتاح من بضع ليرات فقدت قيمتها في ظل انخفاض قيمة العملة الوطنية، وما بين الاحتياجات الواجب تلبيتها أو الاستغناء عنها، فهل يمكننا بعد كل ما ذكرنا أن نقول لعاملاتنا كل عام وأنتنَّ بخير في يوم العمال العالمي..؟
ألا يستدعي هذا اليوم بعض الأمل بواقع أفضل تستحقه نساؤنا العاملات خاصةً وطبقتنا العاملة المسحوقة بشكل عام..؟
• بتصرف عن الحوار المتمدن