بصراحة: حق الإضراب والاعتصام أصبح ضرورة للطبقة العاملة
اجتماع مجلس الاتحاد العام الذي انعقد بدمشق في 21/12/2011 كان استثنائياً من حيث القضايا التي طرحها النقابيون أعضاء المجلس، فقد لامست القضايا السياسية والنقابية الاقتصادية المطروحة أسباب الأزمة العميقة وانعكاسها على سورية أرضاً وشعباً، وهذا يؤكد التخوفات والتحذيرات التي طالما كانت تتقدم بها كوادرالحركة النقابية في المؤتمرات والاجتماعات التي كانت تعقد، ولم يصغ لذلك أحد، بل كان يجري محاولة إقناع الكوادر النقابية أن ما تقوم به الحكومة وفريقها الاقتصادي يتم في إطار ما يرسم لها من توجهات، وأن نتائج عملها ستنعكس إيجابياً على مجمل الاقتصاد الوطني، بما فيه المستوى المعيشي للطبقات الشعبية، ومنهاالطبقة العاملة السورية التي أصابها ما أصابها من تلك السياسات التي جرى تبنيها والدفاع عنها.
إن ما جرى داخل المجلس من حوارات ونقاشات هو انعكاس لما طرحته وتبنته الحركة الشعبية السلمية من مطالب حقيقية، يبدو أنه لم يعد هناك مناص من أن تتبناها الحركة النقابية، وتقف إلى جانبها، لأن هذه المطالب لا يمكن أن تكون إلا في مواجهة الناهبين والفاسدين الذين أضروا بالاقتصاد الوطني، وقادوه إلى مواقعأقل ما فيها أنها لم تستطع تحقيق احتياجات الشعب السوري الاقتصادية والاجتماعية، بل على العكس من ذلك فإن نسب البطالة والفقر والتهميش قد ارتفعت، ووصلت إلى مستويات خطرة تحتاج إلى جهود كبيرة تقوم بها حكومة تملك من الصلاحيات ما يمكنها من إنجاز المهمات الوطنية هذه، ومنها تبني نهج اقتصادي جديديحقق العدالة الاجتماعية، ويعيد توزيع الثروة بشكل عادل ولمصلحة الأغلبية من أبناء شعبنا.
إن الحركة النقابية بكوادرها الأساسية، وبما طرحته الآن من قضايا هامة، يجعلها في مقدمة القوى التي يقع عليها العبء الأساسي في حماية الاقتصاد الوطني بما فيه إصلاح القطاع العام (الصناعي ــ الزراعي)، ودفعه إلى المقدمة ليقود التنمية الحقيقية، هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن هذه هي مهمة الحركة النقابيةالأساسية، وهي الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة السورية وحقوقها، حيث يأتي ضمن الحقوق حرياتها النقابية والديمقراطية، وفي المقدمة حق الطبقة العاملة في الإضراب والاعتصام السلميين، لأنه أحد الوسائل الضرورية في تحصيل الحقوق والدفاع عنها، ولا يمكن التخلي إطلاقاً عن هذا الحق الذي شرعنته قوانين العملالدولية والعربية، وأيضاً ثبتته التجربة الطويلة للطبقة العاملة في أنحاء العالم منها الطبقة العاملة السورية في صراعها المستمر مع رأس المال، وقوى السوق التي تسعى دائماً إلى منع العمال من ممارسة حقهم هذا بمختلف الوسائل والطرق الأمنية والتشريعية، لذا لابد من تثبيت هذا الحق دستورياً الآن ليصبح حق الإضرابللعمال قانونياً، ولا يمكن المساس به أبداً.
إن ما تم طرحه داخل اجتماع المجلس العام لم يكن وليد مصادفة، أو رأياً عابراً، بل جاء نتيجة تراكمات وتناقضات عميقة جرت في المجتمع، والحركة النقابية بكوادرها وأعضائها في المعامل والمنشآت الانتاجية والخدمية أول من تصلهم الإشارات، والرسائل المعبرة عن حدة التناقضات الجارية، وبالتالي تأتي تأثيراتها قويةعلى الكوادر والأعضاء المنتشرين داخل المجتمع، ويتحسسون مخاطرها الجدية، لذا فإن ما تطرحه الكوادر هو نتيجة تأثيرها على حدة التناقضات تلك التي يسعون لمواجهتها ضمن الإمكانيات والأدوات المتاحة لديهم، والتي حددتها لهم التوجهات السياسية والقانونية المعمول بها.
إن التطورات الراهنة، وعمق الأزمة الوطنية تجعل ضرورة كسر هذه الحلقة، والخروج منها عبر التأكيد والعمل على استقلالية الحركة النقابية كحركة مستقلة معبرة عن مصالح أعضائها دون تدخل من أي شاكلة ولون في شؤونها الداخلية، وخاصةً قراراتها التي لابد أن تعبر في النهاية عن الإرادة الحرة لأعضائها الذين لهممصالحهم الوطنية العامة والخاصة، والتي يأتي في مقدمتها الدفاع عن مواقع العمل وتحسين المستوى المعيشي عبر زيادة الأجور وفقاً لسلم متحرك مع الأسعار.