من الأرشيف العمالي : كي تستطيع أن تحاسب
أبو فهد أبو فهد

من الأرشيف العمالي : كي تستطيع أن تحاسب

عندما تطرح الطبقة العاملة السورية وحركتها النقابية رؤيتها فإنما تضع النقاط على الحروف، لأن مصلحتها تكمن في الدفاع عن الاقتصاد الوطني وعموده الفقري القطاع العام الذي يحاول الكثيرون ممن تضاربت مصالحهم مع مصالح هذا القطاع استعجال نعيه، لأنهم استطاعوا خلال سنوات طويلة أن ينهبوه ويحولوه إلى عبء على الاقتصاد الوطني

وقد ركزت المداخلات التي قدمت من أعضاء المجلس في دورته الثالثة على الواقع الإنتاجي في شركات ومعامل القطاع العام بالإضافة إلى القضايا الاقتصادية التي تهم المواطنين سواء أكان تتعلق بمسألة النهوض الاقتصادي أو بتحسين الظروف المعاشية للعاملين بأجر، كما تحدثت عن قصور الإدارات وعجزها عن النهوض بأعباء المسؤولية، وتمحورت حول نقطة تؤكد بأن تطور القوى العاملة هي الركيزة الأساسية لعملية التنمية والتطوير، وتوقفت بعض المداخلات عند القطاع العام وضرورة دعمه وتطوير أنظمته وتعزيز مواقفه في قيادة الاقتصاد الوطني، وتساءل البعض:
أين مشروع برنامج الإصلاح الاقتصادي؟ أين مشروع إصلاح القطاع العام؟ أين مشروع تعديل القانون الأساسي للعاملين في الدولة؟ كما تساءل البعض: لماذا تجهض مراسيم صدرت وتضمنت مكاسب عديدة للعمال؟ لم يجري الالتفاف عليها وتفريغها من مضامينها؟ وأبرزها قانون التأمينات الاجتماعية حيث تضمن التعديل أبرز مكسب وهو اعتبار النشبة القلبية والدماغية مرضاً مهنياً، وشكلت لجنة للتفسير، ووضعت شروطاً تعجزية، وتم ضرب هذا المكسب ومن العجيب أن السلطة التنفيذية عندما تواجه في جلسات مجلس الاتحاد أو في المؤتمرات النقابية، تحاول التنصل من مسؤوليتها وتضع الخلل على جهات غير معلومة، وكأن لا علاقة لها بما يدور في هذه البلاد، ولا تدري أن التعاميم والبلاغات والتوجهات التي تصدر عنها أعاقت التطور العام في البلاد وأفسحت المجال للفساد للانتشار في كل المفاصل العامة، فالسلطة التنفيذية هي المسؤولة وبشكل مباشر عما يجري في البلاد، وهذا ناتج عن أنها كانت ومازالت فوق القانون مخترقة ومتجاوزة له. أما السلطة التشريعية فلا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد، لأن دورها مصادر، وهذه إشكالية يجب التخلص منها، والانطلاق بشكل جدي إلى دولة المؤسسات التي تستطيع المشاركة في صنع القرار وتحمل مسؤوليته بشكل كامل والانتهاء من الأسلوب الذي حوّل المؤسسات في بلادنا إلى تابعة للسلطة التنفيذية تعمل على تنفيذ توجهاتها دون أن تستطيع محاسبتها.
إن على السلطة التنفيذية أن تضع برنامجاً واضحاً يحدد توجهاتها وتنفيذه يعتبر اليوم مهمة وطنية من الدرجة الأولى لأن في ذلك الخطوة الأولى لتحقيق الهدف المنشود في التطوير ومحاربة الفساد

قاسيون العدد 202 آب 2003