الرأسمال والحرب

الرأسمال والحرب

الخبر الأول في نشرة الأنباء عن الحرب، صورة الغلاف التي تتصدر أية صحيفة عن الحرب، وعنها تكون الكلمة الأولى التي ينطق بها الساسة، وهي البند الأول على جدول أعمال المؤتمرات، الأساطيل تعبر من بحر إلى بحر، أنواع جديدة من الأسلحة تدخل حلبة الجنون، صواريخ تلوث زرقة السماء، موجات نزوح وهجرات جماعية، طوائف قوميات مذاهب أديان، دول تنهار..

مؤتمرات، اجتماعات، تكتلات جديدة، الاسعار ترتفع، ينخفض مستوى النمو، يفلس من يفلس، ويغتني من يغتني.. ما الذي يحدث؟ وأي حصان شموس هذا الذي يقود العربة؟

وحدها حركة الرساميل لم ولن تتوقف، إيعاز واحد من أصحاب الياقات البيضاء في مصرف ما لمفاتيح الكيبورد، تحول أرقاماً فلكية من حساب الى حساب، تشعل حرباً جديدة، تفرّخ تنظيماً إرهابياً جديداً، وتموّل أبواقاً إعلامية تنشر سموما أخرى تبرر ما سيكون، التسميم لابد منهُ هنا، حتى يتم تبرير الحرب.

ما من جريمة على الأرض منذ هابيل وقابيل، إلا وكان الصراع على الثروة سببها، لافرق إذا تغيرت الأدوات، وتغير الزمان والمكان، الجغرافيا لاقيمة لها أمام «الرأسمال»، له حضوره العلني أو المستتر في كل مكان.. ولكن هو وليس غيره خلف كل حرب، الحرب هي أداته الوحيده للخروج من المآزق، هي سوق استثمار له، يستثمر في كل بؤر التوتر القائمة، كلما تتهدد هيمنته!

اتساع رقعة الحرب انعكاس لوجود آمر عمليات على المستوى العالمي دون أن ننسى أو نتناسى دور البنى الهشة القابلة للاختراق، اتساع رقعة الحرب يعني أن صاحب الجبروت العسكري يستخدم آخر أوراقه و يتعرّى!

ليست المرة الأولى التي يرتكب فيها الرأسمال هذه الحماقات، الجديد هذه المرة أنه يخوض حروبه على أراضي الغير، وبأدوات مختلفة، وبيافطات جديدة، «الكومبارس» فقط يتحاربون في هذا «الفيلم الهوليودي»، أما الآخرين: كاتب السيناريو والمعد والمخرج والممولون- في مكاتبهم، أما «البطل» سيظهر في نهاية الفيلم، وما علينا إلا أن ننتظره، حتى «ينقذنا من الإرهاب»!!

قد تنزوي الأحلام جانباً في ظل مهرجان الدم الدائر في العديد من مناطق العالم، ولكن التاريخ يقول: بعد كل أزمة عالمية من هذا النوع كان واقعاً جديداً يتشكل نحو عالم أكثر انسانية!