الهروب إلى الهاوية
إيمان الأحمد إيمان الأحمد

الهروب إلى الهاوية

ثمّة مَن يرى في الغرب وقواه وامتداداته قدراً أبديّاً لا رادَّ له، دون أن يلحظ حجمَ وشدة الأزمة البنيوية العميقة التي تعيشها المنظومة الإمبريالية وقواها. ويرجع ذلك إمّا لضعف ونقص معرفي لأصحاب هذه الرؤية أو بسبب انخراطهم في المشروع الإمبريالي.

انطلاقاً من هذه الفكرة يجري الاعتقاد أنّ الكيان الصهيوني يمكنه، عبر الإبادة الجماعية وأشكال التدمير المتعدّدة التي يمارسها، أن يجدِّدَ نفسَه ويرمِّمَ دورَه الوظيفي المتراجِع والمتآكِل، ويفرض نفسَه كقوّة مهيمنة على الشّرق كما كان في السابق، متغاضياً عن حقيقة أنّ الإجرام والقتل باستخدام التكنولوجيا المتقدّمة لم ولن ينقذا كياناً في طريقه إلى الأفول والزوال، وبالتحديد هذا الكيان، بسبب طبيعة البنية الاجتماعية السياسية التي قام عليها منذ ظهوره.
يستخدم الصهاينة وداعموهم أيضاً أدواتٍ خطرة للتعامل مع شعوب المنطقة، يجري من خلالها اللعبُ بالديموغرافيا والبنية الاجتماعية القائمة في المنطقة على التعدّد والتنوع ضمن أبعادٍ عنصريّة وطائفية لتفتيت المنطقة.
وقد أكّدتْ نتائجُ معاركِه مؤخَّراً، رغم الوحشية والتدمير الممنهَج، أنّه في طريقه إلى الهزيمة أمام صمود المقاومة وحاضنتها الشعبية في وجهه. فالمستقبل يرسمه الحقُّ المعزَّز بالصلابة والإرادة والإعداد.
دفعت الحرب على غزة، بنحو 8000 «إسرائيلي» إلى الهجرة إلى كندا، وفقاً لصحيفة «هآرتس» التي أجرت مؤخَّراً سلسلة من المقابلات مع عدد من هؤلاء. ومنهم يوسي، الذي هاجر إلى كندا بسبب «استحالة مواصلة العيش مع انعدام المساواة في الأعباء»، وهو واحد من بين 7850 «إسرائيلياً» قدّموا طلبات للحصول على إقامة عمل في كندا في عام 2024. رقمٌ يشكّل خمسة أضعاف نظيره في العام السابق؛ إذْ في 2023، تلقى 1585 «إسرائيلياً» موافقات على طلبات العمل في كندا، وهؤلاء يرسلون وراء زوجاتهم وأولادهم للّحاق بهم. وعلى هذا الأساس، فإنّ «التقديرات الحالية تشير إلى أنّ أكثر من عشرة آلاف «إسرائيلي» هاجروا هذا العام إلى كندا، في ظل استمرار الحرب»، بحسب الصحيفة وما أكّدته وزارة الهجرة الكندية.
وتقول ماشا إنّ دافعها إلى الهجرة «لا يتعلّق بالوضع الأمني فحسب. لقد غادرنا لأننا لم نشعر بأننا مواطنون متساوون؛ فنحن من نؤدّي خدمة الاحتياط، وندفع نصفَ رواتبنا للضرائب، ولا نعرف حتى أين تذهب أموالنا». وتقرّ «بأننا نشعر أنّ الأطفال ليس لهم مستقبل في [إسرائيل]». أمّا ستاف أديبي، فيُشير إلى مستوى القلق وفقدان الأمل الذي يعاني منه المهاجرون الذين وصلوا بعد 7 أكتوبر: «يأتون مع الخوف من أنّ «إسرائيل» لن تكون موجودة بعد ثلاث سنوات، وهم يشعرون بأنّهم (عبر هجرتهم) قد نجوا بأنفسهم». أمّا مايكل روس فيقول إنّه «في 7 أكتوبر فهمت أنّه انتهى الأمر».
سيهاجر المزيدُ من الصهاينة، بلا عودة، ويغادرون الأرضَ التي استعمروها ونكّلوا بشعبها، ولن يفلتَ القتَلة، من العقاب القادم حتماً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1204