عدوّ الشمس والبشر والشجر والحجر
إيمان الأحمد إيمان الأحمد

عدوّ الشمس والبشر والشجر والحجر

في حرب الصهيونية اليوم ضد شعوب المنطقة، يستعيد الكيان الصهيوني استراتيجيته المعتمدة منذ تأسيسه على ثلاثية (الإبادة والتهجير والإلغاء) لتحقيق أهدافه وفرض واقع جديد على الأرض من خلال إبادة ممنهجة للسكان (قتل وتجويع وتعطيش وترهيب وتهجير) لدفع الناجين نحو هجرة قسريّة، مع تدمير دقيق لكل مقومات البقاء المكاني-البيئي للإنسان فرداً ومجتمعاً.

يقوم الاحتلال الصهيوني اليوم في غزة ولبنان بشطب متعمد لمؤسسات التعليم والثقافة والمواقع الأثرية، وقد وثّق أشخاص ومنظمات محليّة وأممية استهدافات عديدة، موازية لحرب الإبادة الجماعيّة ضد السكان، لمواقع أثرية هامة في قطاع غزة ومعالم تاريخها الممتد إلى آلاف السنين، بما في ذلك أكثر من 200 موقع مسجّلٍ على قوائم مختلفة للتراث الإنساني تعرضت للتدمير الكامل، إلى جانب تفجير مباني كل الجامعات والكليّات والمكتبات والمؤسسات الثقافية ومعظم المدارس.
وفي الآونة الأخيرة طالبت وزارة الثقافة اللبنانية «اليونيسكو» باتخاذ خطوات عاجلة لحماية عشرات المواقع الثقافية اللبنانية التي تعرض بعضها للقصف، و«حماية المعالم الثقافيّة والمدن التاريخيّة في لبنان، بما في ذلك مدينة بعلبك الأثرية ومدينة صور الفينيقيّة ومواقع صيدا التاريخيّة والتراث الثقافي الحيوي في بيروت وطرابلس...». بعد استهداف العدو لعدة مناطق أثرية.... مؤكدة أنّ استهداف هذه المواقع والمدنيين يُعد جريمة حرب كبرى وأنّ الاستهداف الممنهج والمتعمّد لها «يهدف إلى محو تاريخ شعب بأكمله وهويته». قاسيون العدد 1997.
وقد أعلنت وزارة الثقافة اللبنانية، أن المجلس التنفيذي لمنظمة «اليونيسكو»، في ردّه عليها، اعتمد مشروع قرار في دورته الـ 220، يوم الإثنين 21 تشرين الأول الجاري، لحماية القطاع التربوي والعلمي والتراث، ولا سيما المواقع اللبنانية المدرجة على لائحة التراث العالمي ومنها بعلبك وعنجر وصور والإعلام، إضافة إلى سلامة الصحافيين في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل على البلاد. ووفق بيان وزارة الثقافة فإن نص القرار، الذي دعمته 36 دولة، حدد آلية من 3 مراحل ستتبعها «اليونيسكو» هي «تقييم الوضع وتحديد حاجات لبنان»، و«رسم خطة عمل من أمانة اليونيسكو»، «وإنشاء صندوق طوارئ يؤمّن تنفيذ خطة العمل وتموّله الدول الأعضاء».
ودعت بعثة لبنان لدى «اليونيسكو» إلى عقد جلسة استثنائية للجنة المنبثقة عن البروتوكول الثاني عام 1999 لمعاهدة لاهاي لعام 1954، بشأن حماية الممتلكات الثقافية، بغية تفعيل الحماية المعززة التي تنص عليها المعاهدة لصالح المواقع الأثرية اللبنانية. كما تقدمت بطلب إضافة بند عن حماية الصحافيين في لبنان.
يتجاهل الكيان الصهيوني منذ تأسيسه، القرارات الدولية وحتى الأعراف الإنسانية، وهو مستمرٌ اليوم في ممارساته الوحشية لتنفيذ برنامج إلغاء مكثّف لكل أثر مكاني للناس يمكن أن يعتد به يوماً للعودة: سواء كان منزلاً كان أو مؤسسة خاصة، أو بنية مجتمعية. ومع ذلك لن يضيع حق وراءه مُطالب.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1198
آخر تعديل على الأحد, 27 تشرين1/أكتوير 2024 20:26