الوظيفة الطبقية لمنجّمي رأس السنة

الوظيفة الطبقية لمنجّمي رأس السنة

يشاهد العالم العربي في كل رأس سنة عبر شاشات الفضائيات منذ سنوات، منجّمين عبقريين يستحقون أن نضعهم إلى جانب كبار المفكرين من جهة الفتوحات العلمية الكبرى التي يطعمونها لعقول الجماهير!

ويبدو أن هذه الأداة «الطبقية جداً» استطاعت الهيمنة والتأثير في جمهور واسع نوعاً ما خلال السنوات السابقة في العالم العربي بحكم الهيمنة الرأسمالية على وسائل الإعلام. وكانت إحدى أشهر وظائف هذه الأداة هي إشباع عقول الناس بالتنبؤات والآمال، لمنع الناس من التفكير في أمور أخرى لا تناسب أصحاب وسائل الإعلام.
وهكذا يخرج أحدهم ويقول لجمهور واسع من الفقراء في البلاد العربية: على الصعيد المالي سيحدث انفراج لمواليد البرج الفلاني. أما ما يحدث في الواقع لهذا البرج وغيره من الأبراج: المزيد من الإفقار، المزيد من الآثار الكارثية للأزمة الرأسمالية.
ويخرج آخر بصفته بوقاً للفردانية الأمريكية، ويكيل المديح على النجاحات التي ستتدفق مثل أنهار العسل على مواليد البرج الفلاني. أما ما يحدث في الواقع لهذا البرج وبقية الأبراج: مزيد من التراجع لا علاقة له بالفشل على المستوى الشخصي، بل له علاقة مباشرة وغير مباشرة للإفشال الذي يتعرضون له سنوياً على يد رأس المال وأحبابه.
ويقول ثالث إن مواليد البرج الفلاني سيشهدون نجاحاً على الصعيد المهني. أما في الواقع. يعيش مواليد هذا البرج وبقية الأبراج تراجعاً حاداً في القوة الشرائية وتخفيضاً قسرياً للأجور ويدفعون في الوقت نفسه ثمن ارتفاع الأسعار والضرائب وثمن موت المنظومة القديمة التي تحمل الناس تبعات الأزمة الرأسمالية.
لذلك، فهذه الأداة طبقية جداً من ناحية ذر الرماد في عيون المفقرين، وتحاول تعمية الأذهان عن المهمة الراهنة الضرورية: «التغيير». وبدل «إعادة توزيع الثروة في المجتمعات بشكل عادل»، يوجهون البوصلة نحو الغيبيات والتنجيم وبيع الآمال للمفقرين. بالإضافة إلى ذلك، يشغلهم مالكو وسائل الإعلام الكبرى في العالم العربي، وبالتأكيد يدفعون لهم بسخاء لقاء هذه الخدمة الطبقية التي تشكل قسماً مهماً من منظومة الهيمنة والتلاعب بالوعي عبر وسائل الإعلام. بل إن بعضهم يتلو على الناس بيانات سياسية تناسب طبقة دون غيرها. ولكن: «كذب المنجمون ولو صدقوا».

معلومات إضافية

العدد رقم:
1051
آخر تعديل على الأحد, 02 كانون2/يناير 2022 23:21