أطفال الليلك والشمس يطلبون خبزاً
ما الذي أيقظك الآن؟
تمام الخامسة؟
كان إبراهيم رسّام المياه
وسياجاً للحروب
وكسولاً عندما يوقظه الفجر
ولكنّ لإبراهيم أطفالاً من الليّلك والشمس
يريدون رغيفاً وحلْيب
كان إبراهيم رسّاماً وأب
كان حيّاً من دجاج وجنوب وغضب
وبسيطاً كصليب
المساحات الصغيرة– محمود درويش
شعر درويش بالحنين إلى خبز أمه، ونسج عنوان إحدى أشهر قصائده عن الأم قائلاً: أحن إلى خبز أمي. كتب درويش قصيدته وراء قضبان سجون الاحتلال عام 1965 وتحولت إلى واحدة من أشهر قصائد فلسطين.
تستسهل بعض الصحف موضوع الكتابة عن محمود درويش، وما أسهل السرد الذي يؤدي مهمة إخراج الشاعر عن جلده وإبعاد قصائده عن ظروف تبلورها.
حنينه إلى خبز الأم وقهوتها، قصيدة تقاوم ظروف السجن والاعتقال، أجل هي قصيدة تقاوم، كتبها الإنسان المتشبث بقوة فكرة «التغيير» ورفض الاحتلال، كتبها الإنسان الذي أمضى سنوات طويلة من حياته في ذلك الدرب الصعب قريباً من الوجدان الشعبي وقضية فلسطين.
اعتقلته قوات الاحتلال خمس مرات موجهة له تهمة: رئيس تحرير صحيفة شيوعية، وفي إحدى تلك المرات الخمس، تبلورت قصيدته «أحن إلى خبز أمي» التي لا يفصل فيها بين الأم والخبز والقهوة ومقاومة ظروف الاعتقال.
قرأ درويش مبكراً ما سيجري في الاتحاد السوفييتي منذ بداية السبعينات، ولم يرضَ عن الأنظمة العربية. ورغم ذلك لم يتخلَّ عن فكرة «التغيير» ورفض الاحتلال. وكتب من جديد قصيدة بيروت وقصيدة الخبز، ليؤكد ثانيةً أن الخبز لا ينفصل عن المقاومة وبالعكس. فهما خطان لا ينفصلان على طريق التغيير والتحرير من وجهة نظر شاعر المقاومة الفلسطينية والثورة الاجتماعية.
كتب في القصيدة الأولى عن تفاحة البحر بيروت وتاجر الخبز الخبيث وبائع النفط من المحيط إلى الجحيم. وفي قصيدة الخبز يقول:
ما الذي أيقظك الآن
تمام الخامسة؟
كنت تعرف
هي بيروت الفوارق
هي بيروت الحرائق
ما الذي أيقظك الآن؟
تمام الخامسة؟
إنّهم يغتصبون الخبز والإنسان
منذ الخامسة