انهيار النظريات الرسمية
متى أخطأ منظرو الإعلام الأمريكي تقدير اللعبة فأكلوا المقلب؟ تعالوا نتعرف على بعض المحطات عندما لم تجرِ الرياح بما تشتهي السفن بالنسبة للإعلام المهمين عالمياً.
تعتبر بعض النظريات الإعلامية الأمريكية من أحدث ما توصل إليه العلم في مجال الإعلام، مثل: نظريات «الاتصال والتأثير» التي وضعها تشارلز كولي عام 1909، والمقسمة إلى عدة نظريات، منها: نظرية ترتيب الأولويات.
تؤدي هذه النظرية أحد أهم وظائف وسائل الإعلام المهيمنة على وعي الجماهير لتحديد أولوية القضايا السياسية والاقتصادية الاجتماعية والثقافية بالنسبة لها، وتبث موادّ إعلامية لتخبر الناس عما يجب أن يفكروا فيه دون انقطاع، في نوع خاص من الاستبداد يدعى: الاستبداد الإعلامي للرأسمالية.
على سبيل المثال: نشرت جريدة نيويورك تايمز على مدى 36 شهراً، أكثر من 1000 مادة لتقول للناس: إن الثورة البلشفية لن تنجح، لكن الرياح لم تجرِ حسب أهوائها، بل إن الفكر البلشفي انتشر في أمريكا نفسها بعد 1920.
لا يمكن لـ 1000 مادة على مدى 3 سنوات، أن تحدث تشويشاً بمقاييس اليوم، لذلك هناك أكثر من 1000 وسيلة إعلامية تبث آلاف المواد شهرياً وبعدة لغات، لتخبر الناس عما يجب أن يفكروا فيه.
يبدو أن إذاعة «صوت أمريكا» التي ساهمت بتدمير الاتحاد السوفييتي يوماً ما، تصر وبعناد للسير على خطا نظرية ترتيب الأولويات القديمة ولا توفر محطة لتقول: لا يمكن لجنيف أو غيرها حل الأزمة السورية!
تناثرت هذه النظرية مثل الرماد عدة مرات، أمام رياح الواقع الموضوعي في القرن العشرين، رغم ذلك ما زالت تدرس في أغلب جامعات العالم كنظرية في الإعلام الحديث.
سيأكل المقلب كل القائمين على إذاعة صوت أمريكا، وتهتز من ورائها نظرية من نظريات الإعلام البرجوازي العالمي، في اليوم الأول لحل الأزمة السورية، لا شك أن ذلك ليس هزيمة لوسائل الإعلام المهيمنة وحدها، بل هي هزيمة منكرة لنظريات العلم الرسمي، الذي تتساقط أركانه عند كل ميناء للواقع الموضوعي، ويبدو أن ميناء اليوم هو ميناء الأزمة السورية.