جيوش الاختلاق والبروباغندا..!

جيوش الاختلاق والبروباغندا..!

بعيد انهيار الاتحاد السوفييتي ظهرت أول الأصوات (بالداخل الأميركي) المطالبة باحتلال العراق، كان الدافع الأساسي هو الهروب إلى الأمام من الأزمة الاقتصادية القادمة، بمحاولة قصر مرحلة الركود والذهاب إلى مرحلة الانتعاش مباشرةً

وجرت في الداخل الأميركي حملة من الضغط الممنهج بغرض كسب الموازين لأصحاب المصلحة من احتلال العراق، في هذا المقال نستعرض جزءاً منها مع توضيح اللغة المستخدمة في هذه الحملة، ولكن يجب التنويه إلى أن الأساسي في كسب الموازين لداعمي هذه الحملة هو موازين القوى في الداخل الأميركي في تلك المرحلة مع عدم إغفال الأهمية التي لعبتها هذه الحملة في تسريع فعل الاحتلال المباشر.
في بداية العام 1998 وجه القائمون على «مشروع القرن الأمريكي الجديد) رسالة مفتوحة إلى الرئيس كلينتون، تحثه على القيام بهذه الخطوة، تستخدم الرسالة لغة تضخيميه في مفرداته مثل:( ذلك يحتاج ليصبح من ضرورات السياسة الخارجية الأمريكية)، وتستعمل في بنيتها منطق المفاضلة الرياضية بين شئين (إن أمن العالم في الجزء الأول من القرن الحادي والعشرين سيتقرّر إلى حدّ كبير من خلال الكيفية التي سيُعالج بها هذا التهديد) فإما الشروع باحتلال العراق، أو أمن العالم في القرن الجديد، كما تكرر الرسالة عدة مرات (الإطاحة بنظام صدام حسين) يستخدم الإلحاح هنا للدلالة على ضرورة استعجال هذا القرار.
وفي حديث بين ريتشارد أي. كلارك، مسؤول مكافحة الإرهاب في إدارة بوش، ودونالد رامسفيلد، بعد أيام من 11 سبتمبر، دار حول ضرب العراق. ولاحظ كلارك عدم وجود أية صلة بين القاعدة والعراق. وطبقاً لكلارك، اشتكى رامسفيلد من افتقار أفغانستان للأهداف ذات القيمة العالية، قائلاً:
(لا أريد أن أطلق صاروخاً بتكلفة مليون دولار على خيمة بقيمة خمسة دولارات).
فأجاب كلارك:) لا. لا. القاعدة في أفغانستان، نحتاج لقصف أفغانستان).
ويدل الحوار على عملٍ متواتر، بخفاءٍ حيناً وبعلانيةٍ حيناً آخر، من أجل إيجاد صلة غير واقعية بين العراق والقاعدة، أي: صلة للاستهلاك اللغوي الإعلامي، تبرّر الخطط المطلوب تنفيذها.
منذ الأيام الأولى لاستلام مكاتبهم في البيت الأبيض، تداولَ أركان إدارة جورج دبليو بوش موضوع العراق بصفتهِ (عملاً خطيراً لم يُنجز) في عام 1991 من قبل بوش الأب. ومنذئذٍ بدأ صقور الإدارة في التحضير اللغوي والإعلامي لغرس خطورة العراق وضرورة استهدافهِ عسكرياً، في أذهان الراي العام.

معلومات إضافية

العدد رقم:
819