د. عمار ميرخان د. عمار ميرخان

«أسطورة 1900».. هروب أم إدانة؟!

تمتعت وعائلتي مساء السبت 27 /4/2002 بمشاهدة فيلم: «أسطورة 1900» على شاشة القناة الأولى ضمن برنامج نادي السينما . وهذه كانت مشاهدتي  الثانية، إذ سبق وأن عرض ضمن مهرجان دمشق السينمائي الأخير.

وما لفت نظري ودفعني للكتابة  ليس الفيلم بل تعليق مقدمة البرنامج وكذلك تحليل الأستاذ محمد الأحمد ٍللفيلم. بالنسبة لي قرأت الفيلم كعمل فني رائع وهائل مشتركاً في هذا التقييم مع الأستاذ الأحمد، ورأيت فيه إنتقاداً لاذعاً وإدانة لكل القيم اللاإنسانية التي تعشش في حضارتنا اليوم. رأيت فيه دعوة صريحة لنبذ الثروة ونبذ الشهرة إن كانت على حساب قيم الإنسان وروحه. وكم  استغربت، وهذا لا يقلل أبداً من احترامي للأستاذ الأحمد وعمله الجاد والبناء والتربوي أيضا، ولربما بسبب ذلك استغربت تصوير المخرج كهارب من الحياة إلى الذات الداخلية، وأنا ـ على عكس التعليق ـ لم أرَ بطل الفيلم كهارب أو منتحر، وهو من قال بلسانه: ً «لم يخفني ما رأيته ! ما أخافني هو ما لم أره! البيانو له 88 مفتاحاً … محدودين لكني أنا الإنسان هو غير المحدود، غير المحدود بروحه والذي يبدع الأجمل والأجمل ودائماً على هذه المفاتيح.. والحياة  والحضارة اللامحدود فيها والحر فيها هو الإنسان، ولا أقبل حياةً تقيدني وتقيد روحي..»! ً.هذا ليس تأويلاً مني للفيلم ولا تحميلاً لما لا يحتمله، بل هو تماماً ما ورد على لسان بطل الفيلم الذي آثر الانتحار عن سابق تصور وتصميم وقد ترك بإرادة حرة كل الإمكانية للعيش بثراء ورفاهية.
  ومرة أخرى هو من قال: «لم يخفني في نيويورك ما شاهدته بل أخافني ما لم أشاهده»!، نعم لا يخيفنا ما هو موجود... لا يخيفنا ما نملك، ما يخيفنا هو ما نفتقده. بطل الفيلم لم يخف من الضجيج ليؤثر الموسيقا، ولم يهرب من الحضارة إلى العزف على البيانو، بل أدان كل آليات التسريع والاستهلاك التي تطحن الإنسان: تطحن حياته وروحه!..

معلومات إضافية

العدد رقم:
176