فارس تَرَجََّل ... رحيل المفكر.. د.رشاد عبد الله الشامي
قبل أسبوعين تقريباً، وفي يوم السبت الرابع عشر من تشرين الأول، توقف قلب الباحث والأكاديمي والمقاتل على جبهة الصراع الفكري مع اليهودية / الصهيونية، الدكتور رشاد الشامي بعد معاناته مع الأزمة القلبية المفاجئة، التي رافقها نزيف حاد، أدى لدخوله في غيبوبة كاملة لأيام معدودة.
في الخامس من يناير عام 1943 ولد فقيدنا بمحافظة "كفر الشيخ" المصرية، لأسرة فلاحية متوسطة الحال، وتخرج من جامعة «عين شمس»، وحصل على الدكتوراة عام 1973، ليتفرغ لعمله البحثي والأكاديمي داخل الجامعة التي عمل بها مدرساً، ورئيساً لقسم اللغة العبرية في كلية الآداب. كما عاش الراحل الكبير بضع سنوات من عمره مدرساً وباحثاً في بعض الجامعات العربية (العراق، الجزائر، الكويت).
بدأ الدكتور الشامي رحلته العلمية / البحثية في سن مبكرة، حين بدأ بنشر مقالاته عن الصهيونية والسياسة «الإسرائيلية» على صفحات مجلة السياسة الدولية منذ عام 1969، ليبدأ على الفور بتأسيس مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام عام 1969 مع الدكتور «عبد الوهاب المسيري» والدكتور «أسامة الباز»..
لقائي بأفكار الفقيد بدأت في حزيران عام 1994، حينما قرأت له كتابه الهام «القوى الدينية في إسرائيل ... بين تكفير الدولة ولعبة السياسة» الصادر عن سلسلة عالم المعرفة الكويتية، والذي تجاوز عدد النسخ المباعة منه مائة وعشرين ألف نسخة، ومن ثم كتابه الآخر الصادر عن السلسلة ذاتها في آب / أغسطس 1996 بعنوان "إشكالية الهوية في إسرائيل". لقد ساهم الفقيد بإرساء أسس الدراسات المختصة بالأفكار اليهودية / الصهيونية، وأشرف على مئات الرسائل الجامعية المتخصصة، كما رفد المكتبة العربية بأكثر من عشرين كتاباً / مرجعياً مطبوعاً _ يتشارك بهذا المجال المتخصص مع الدكتور المفكر "عبد الوهاب المسيري" _ عدا أربعة تحت الطبع ، أذكر بعضاً منها:
■ إنشاء وتطوير سلاح الطيران الإسرائيلي .
■ جولة في الدين والتقاليد اليهودية .
■ الشخصية اليهودية الإسرائيلية والروح العدوانية.
■ عجز النصر/الأدب الإسرائيلي وحرب 67
■ الوصايا العشر في اليهودية / دراسة في المسيحية والإسلام.
■ الحروب والدين.
بالإضافة إلى عمله الكبير "موسوعة المصطلحات الدينية اليهودية".
رحل باحثنا الفذ بهدوء وصمت، كما عاش! كان بعيداً عن الكاميرات والاضاءات "الشكلية" ولم يلق أي تكريم رسمي أو شعبي في حياته، بل أن بعض المقربين منه أكدوا أنه كان يعاني من مشاعر الإحباط لأسباب كثيرة، أهمها غياب الدعم الحكومي للبحث العلمي.
لقد كان للفقيد رؤية واضحة في تحليله لموضوع الثقافة «الإسرائيلية» التي عبر عنها بقوله (إن الثقافة «الإسرائيلية» غير مؤهلة لصنع سلام حقيقي لأنها تقوم على مفاهيم دينية عنصرية، تعتبر الآخرين دون الآدميين، فكيف لهذه السموم أن تصنع سلاماً؟؟) لقد فضح فقيدنا في كل كتاباته، طبيعة المشروع الصهيوني، وبيّن أن الصراع ضده معركة ضرورية ليس من أجل الحاضر فقط، بل ومن أجل المستقبل.
حاولت جاهداً متابعة خبر رحيل «المقاتل / الشهيد» عسى أن أعثر على مايفيدني بالكتابة عنه كوفاء له، وهو الفقيد الكبير، وكتعريف به لدى جمهور القراء. وبعد جهد كبير، وجدت فيما كتبه الأستاذ «أحمد الخميسي» ما ساعدني على ذلك.
لعائلته وأصدقائه وطلابه ورفاق دربه العزاء، وكل العهد له على أن تبقى أفكاره منارة لنا، نهتدي بها في صراعنا مع الحركة الصهيونية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 284