النقطة الميّتة!!
روز سليمان روز سليمان

النقطة الميّتة!!

ثمّة نزعة إلى اعتبار الموت حتميّةَ الافتتان بما ليس لنا، وما كان لنا "لم يكن لنا"!!.. ليس التعوّد على الافتتان هنا استثناءً إلا بالقدر الذي يكون فيه نادراً، طالما أننا لم نعِ معنى أن يصبح الموت سبْقاً لأخلاقٍ مستقبلية أو إشارةً إلى ضرورة الوصول به إلى إدراكٍ جديد، معترفٍ به في مساحة من التشابه مع السابق واللاحق ليكون الموت بحدّ ذاته واقعاً "ثابتاً" يكفي للفصل بين الشكّ والإدراك!!..

ترْسُ العين حتميّة العقل والحذر فتنة؛ هكذا يموت المشهد في افتتانه بما له، وما له ليس إلا نقطة ميتة ترى ما لم يُرَ!!، ليتحقّق الموت في الافتتان بما ليس له، وكأن ما ليس له هروبٌ نحو موته من جديد؛ نقطة ميتة ويصبح الشكّ علامةً من علامات اليقين..

ترْس العين صلابة العقل والهروب عزلة؛ وكأن الالتصاق بالذهن سِباق دائمٌ، علانيةٌ وانضباطٌ وتحفّظٌ متقنٌ هو الموت في هذا البلد.. وفي الجغرافيا ثمّة نزعة نحو الموت!! نهيم على وجوهنا ونرى رغم موتها ما لم نكن نرى!!..

نقطة ميتة تأهّبُ عجز المشهد في كل هذا الخراب.. لا الموت مكتفٍ بـ "نقطة"، وكلّ ما حولها في انتظاره.. فمَن هو الذي لم يمتْ بعد.. مَنْ في هذا البلد لم يصبح نقطة ميتة.. مَنْ لم يغضب بعد.. من لم يصمت؟!.. فلنصمت!!.. نقطة ميتة وحيدة هي ترسانة الموت، والموت لم يكن مرة إلا بما حولها في انتظاره؛ سبْقاً لحياةٍ لم نعشها بعد، دليلاً إلى إدراكٍ جديد..

فكل الذي رأيناه من خلال نقطة ميتة هو كل ما لم نره بعد، وكأن كل نقطة ميتة ليست إلا ترْساً لعيونٍ علّها لا ترى إلا ما لها!!.. فلتّتسع نقاطنا الميتة إذاً لئلا يتحقّق الموت في حتميّة الافتتان بما ليس لنا ويصبح في شكّنا "ما لنا" يقيناً: "لم نمت" بعد ونرى ما لم يُرَ، هذا الذي ما كان ليكون إلا سبباً في قتلنا من دون أن تحمينا ولو "نقطة ميتة" واحدة من حتميّة موتنا!!..

 

المصدر: مجلة الأزمنة