بين قوسين: «أحشفاً وسوء كيلة؟»
ضمن مقاييسها المحددة سلفاً لجهة الرقابة، حاولت الدراما السورية خلال هذا الموسم الاشتباك مع موضوعات ساخنة، ولكنها بدلاً من أن تلتفت إلى الداخل وتفحص تحولات المجتمع السوري بعمق، ذهبت إلى موضوعات عربية راهنة.
هكذا حضر الشأن العراقي في أكثر من عمل. عالج «هدوء نسبي» مأساة العراق تحت الاحتلال من وجهة نظر مراسلين تلفزيونيين، وجدوا أنفسهم في قلب الحدث، لكن ما شاهدناه على أهميته التوثيقية، بدا وكأنه استعادة لما سبق وأن شاهدناه في تقارير إخبارية أكثر سخونة، ولم نتعرّف على ما أصاب الإنسان العراقي من تمزّق، أو ما كان يجري خارج ما رصدته عدسات المصورين أثناء وبعد الاحتلال الأمريكي للعراق: ما معنى سقوط عاصمة عربية مثل بغداد، وما معنى المنفى؟ لكن أهمية هذا العمل تكمن في كشف أحوال المراسل ومكابداته في تغطية المناطق الساخنة. في «سحابة صيف» صورة أخرى للمنفي العراقي في أحياء العشوائيات في محيط دمشق ومشكلات اللاجئ تحت وطأة الحاجة، كما استعاد العمل مشكلة اللاجئ الفلسطيني في دمشق من موقع الحنين إلى المكان الأول، وسطوة الذاكرة على مجريات اليوم بكل صعوباتها، وإذا بالشخصيات تعيش أزمة مزمنة، رغم تحايلها على واقع مرير يفرض نفسه على أحلامها. هناك أيضاً كابوي عربي في «سفر الحجارة» و«رجال الحسم» في أكشن بصري اعتمد الانتفاضة والمأساة الفلسطينية كحامل درامي هزيل، لمصلحة الاستعراض البصري المجاني، وفي «آخر أيام الحب» تحضر الشخصية المصرية في استحضار للعلاقة التاريخية بين مصر وسورية، منذ أيام الوحدة. هذا التنوع في الموضوعات بقدر ما ينفتح على هموم عربية، فإنه من جهة ثانية يشير إلى هروب ضمني من مواجهة أسئلة الراهن السوري، عدا جرعات جرأة في «زمن العار» مثلاً، أو «عن الخوف والعزلة»، ما عدا ذلك ظل منهمكاً بعالم المخدرات والعصابات، والمغامرات التي تشبه ما نجده في أفلام الكارتون، وأفضل مثال على ذلك «باب الحارة» بكل مقولاته «الملتزمة» وثرثرات ربات المنازل الثوريات!
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.