الكتاب حزين يا دمشق... معرض للثقافة أم لطبخ الأطباق؟
للمرة الثالثة والعشرين تستضيف دمشق مهرجان الثقافة والمعرفة في معرض للكتاب تقيمه مكتبة الأسد الوطنية، وهي فرصة للقاء الأصدقاء والكتاب، وكذلك تجديد الحب للكتاب باعتباره المعين الحقيقي والزاد الأصيل على مر الدهور والأزمان، لكل عشاق الكلمة المقروءة في زمن الخوف على مستقبلها، حيث انتشار الفضائيات، وأفلام البورنو، وأغاني الآه والواوا، والكلمة الالكترونية على نطاق واسع.
وتترافق هذا المعرض أنشطة ثقافية موازية لتحريك الركود الثقافي المريع الذي تعاني منه بلادنا، خصوصا في العاصمة، رغم البهرجات التي نسمعها ولانحضرها لأنها «بهرجات».
النشاط الموازي:
في السنوات السابقة استقدمت إدارة المعرض أسماء هامة، وكانت المحاور مهمة حول مستقبل الفكر العربي ودور الثقافة والتحديات الراهنة في ظل العولمة وغيرها، إلا أن هذه السنة معظم المشاركات" أهلية محلية" والمحاضرات التي تلقى لم تطرح مواضيع تمس الوسط الثقافي والمتابعين، لهذا كان الحضور باهتا، حتى في أمسيات الشعر"فاروق شوشة" مثلا .. وقد لوحظ أن نجم الدكتور عبد النبي اصطيف كان عاليا في تعدد مشاركاته ونشاطاته، ومع احترامنا له كأستاذ جامعي، غير أن الأكاديميين عندنا كثر، فلماذا لم يتم التنسيق معهم ودعوتهم أم أن مدير الهيئة العامة للكتاب فضّل أن يفعل كل شيء بنفسه؟
التوقيت:
التوقيت سيء، فحر آب اللهاب كفيل بأن يقلل عدد الزوار والرواد، إلا إذا كان واحدنا يعاني من فراغ في الوقت "وأينا يعاني من فراغ في هذا الزمن البليد واحتياجات المعيشة التي لاترحم" فلماذا لا تفكر الإدارة الرشيدة بإقامة المعرض في أواسط الخريف ؟؟
الإقبال:
زرت المعرض أكثر من مرة وكان الحضور مقبولا.. وحينما سألت العديد منهم ماذا اشتروا؟؟
كان الجواب لم نأت لنشتري، بل لنقضي وقتا هنا، وتواعدنا مع بعض الأصدقاء والصديقات لنراهم ونراهن
إذا لم يعبر تواجد الناس عن جوع ثقافي وحاجة لتنمية الفكر بزاد القراءة.
الثعلب والحصرم:
في المعرض وجدنا كتبا ثقافية وفكرية قيمة لكن أسعارها كانت هي بدورها تحلق في العلالي، فقلنا: نحن الغلابة والفقراء إن طعم ذلك العنب العالي حامض لأن جيوبنا كانت تئن من الخواء،وهذا لايعني أن تلك الكتب الهامة لم تشتر، بل رأيت العديد من البودي غاردات تحمل أكياسا كبيرة من مجلدات الكتب ذات الطباعة الفاخرة وفضولي الصحفي ورطني بأن سألت أحدهم عن البضاعة فقال: هذه الكتب اشتريناها للمعلم بمناسبة انتقاله إلى الفيلا الجديدة، وهي جزء من ديكورها، وقد أوصانا بأن تختار أسمكها وأثخنها .. وهذا الكيس خاص لزوجة المعلم حيث آخر المؤلفات العظيمة في عالم الطبخ والنفخ والأبراج وقراءة النجوم، والريجيم، والسعادة الزوجية، والخلطات العجيبة لاستعادة الرجولة والفحولة، وكان مع الشبيحة أيضا بعض الخادمات الآسيويات لمساعدتهم في حمل «البضاعة» الثمينة بالتأكيد.
وأنا:
تدينت بعض النقود من أولاد الحلال من أصدقائي، لشراء خمسة أو ستة عناوين ففوجئت إن ماأحمله لا يشتري كتابا واحدا مما كنت قد قررت شراءه.. فذهبنا أنا وصديقي إلى نادي الصحفيين وشربنا البيرة بنقودي، وصحتين وهنا.