صفر بالسلوك
مازوت.. بنزين
حتى لو اضطررنا لإنشاء صندوق لدعم المازوت والبنزين فإننا لن نكون على خطأ، لأنو بصراحة جماعتنا اللي مو كتير معهم مصاري ما رح يقدروا يتحملوا الفكرة، الفكرة بحد ذاتها صعبة، بل وأكثر من صعبة، فالناس تتحدث عن هذا الموضوع بخوف، خوف حقيقي على أطفالها وعائلاتها،
وعلى اعتبار أن هؤلاء الأطفال وتلك العائلات يشكلون الغالبية من شعبنا اللطيف فلا بد أنهم بشكل ما يجسدون الوطن، وبما أنهم يجسدون الوطن فإن من حق الوطن عليهم أن يسمع أصواتهم وأحاديثهم، فالناس تقول أن رفع الدعم عن البنزين والمازوت وشيك، والناس تقول أنه إذا تم رفع الدعم عن هذين السائلين فإن السلع كلها ستصبح ذات قيمة كبيرة، وهذا يعني برأيي احترام من الحكومة لسلع الوطن، فعلى المواطن أن يعرف قيمة الخبز خاصة إذا ارتفع سعره ضعفين تلاتة، وعليه أن يعرف قيمة الصناعات الثقيلة من علكة وبسكويت ولا يستخف بها بعد الآن أمام الرايح والجاي، لذلك فرفع الأسعار هو من قيمة سلع الوطن، والوطن غالي يا خديجة، وألف حبل مشنقة ولا يقولوا أبو عمر خاين يا خديجة، بس والله العظيم الناس خايفة من هالقصة.
لكن للحكومة رأي آخر، فالمواطن العادي لا يفهم أحياناً لماذا تأخذ الحكومة هذا القرار أو ذاك، كما أن المواطن لا يقرأ من القرارات سوى السطور الواضحة منها، بينما هناك ما يخفى دائماً علينا نحن الدراويش الذين لا نرى أبعد من أنوفنا التي كادت أن تدخل غينيس لكثرة ما شمت من روائح البنزين والمازوت الملوثة لبيئتنا الجميلة، وعلى ذكر أنوفنا والبيئة، فإننا لو دققنا جيداً في هذين الشيئين لوجدنا أن الحكومة سترفع أسعار البنزين والمازوت لمعاقبتهما على إلحاق الضرر بنا وبأطفالنا وبكل من يستخدم البيئة عن الخليئة اللي عنا، وبالطبع فسيخف استخدام هذين الشيئين الملوثين وستصبح مدننا أقل تلوثاً وستصبح صحتنا عال العال، وسيرتفع معدل أعمارنا عشرين سنة وأكثر بفضل قانون رفع الدعم عن الظالمين الحقيرين مازوت وبنزين، وسيجد هذان الظالمان كيف أن وضعهما سيتدهور فلن يعودا كما في السابق مسيطرين على الفضاء والشوارع والمعامل والصوبيات والسيارات، وسوف تشعر السلع والأعمال المرتبطة بهذين المشبوهين الخائنين بالعزلة وعدم تعامل الشعب معها بسبب ارتفاع أسعارها المتوقع أيضاً، مما سيؤدي إلى تحجيم هؤلاء الخونة وإعادتهم إلى حجمهم الطبيعي بعد أن طغوا على الشارع.
وعلى اعتبار أننا نحب الوطن ونكره الخونة فسنساعد الحكومة على عزل المازوت والبنزين وباقي المتعاملين معهما ونقاطعهما بشكل إرادي تحت شعار «قاطعوا المازوت والبنزين واللي معهما متعاملين»، وسنعيد الاعتبار للحطب الوفي والفحم الحجري المخلص اللذين نسيناهما منذ أن أخذ الخونة من أمثال المازوت والبنزين عقولنا، وسنعود كما كنا أيام زمان عندما كان كل شيء جميلاً، فنخبز بأيدينا على الصاج أو التنور على اعتبار أن الغاز من أقرباء المذكورين، وسنهتف بالشكر للحكومة لأنها قضت على المتآمرين، كما أننا سنحس بأننا لا نفرق بشيء عن الدول الراقية، فسعر البنزين والمازوت عندنا كالذي عندهم، وبالتالي ما بقى في داعي لشوفة الحال علينا بهالشكل، وسنغض النظر عن أن دخل الفرد عندنا هو أقل على الأقل عشر مرات عندهم، وننام مرتاحين، فها قد دخلنا إلى الحضارة من أوسع أبوابها بأنف لطيف وصدر نظيف وقوام رشيق بسبب الريجيم الإجباري الذي سنمارسه في أيامنا وليالينا القادمات، باستثناء المدعومين منا الذين لا ينتظرون رفع الدعم عنهم في المستقبل القريب.