أليس في «بلاد الحواجز»

الحاجز رقم (1)

 

بوابةٌ حديديةٌ ضخمة سدت مدخل المبنى الرحب، ليزيد بذلك عدد الحواجز التي نعبرها كل يوم. تحتجز البوابة من الداخل سكان المبنى الخائفين، المحتجزين بدورهم خلف أبواب شققهم، وتحتجز في الخارج الأفق الطلق، أعمدة الإنارة وأطفال الحارة.

الحاجز رقم (2)

بكت سلمى في الأمس عندما وصل إلى مسامعها مصادفةً صوتُ نحيبِ أحد الجنود بينما كان يجري مكالمة هاتفية مع أمه بينما كانت تعبر الحاجز القريب من منزلها. بكت سلمى اليوم عندما علمت أن الجندي على الحاجز المجاور لبيتها قد مات.

الحاجز رقم (3)

غيّر مقرّ عمله من الوقوف على إشارة المرور إلى الوقوف بجانب الحاجز. ينتظر هناك أن تزدحم السيارات في طابورٍ طويل حتى يشق طريقه بينها، يمد يده إلى السائقين متسولاً بضع ليرات، بينما يتسول السائقون بعضاً من الوقت..

 

الحاجز رقم (4)

هناك بلادُ عجائب احتلتها الحواجز: حاجزٌ بين طالب المدرسة ودرس العلوم، حاجزٌ بين عاشقٍ فرغ صبره وحبيبة ملت الانتظار، حاجزٌ بين موظفٍ ودفتر تسجيل الدوام. وحدهم السارقون والمهربون والقتلة ومن يمتلكون ترف الطرق الفرعية المختصرة يتمتعون بشارعٍ رحبٍ خالٍ من أي حاجزٍ في بلاد العجائب تلك.

الحاجز رقم (5)

تململ الُركّاب في مقاعدهم. مدّ طفلٌ يده من شبّاك الباص ليلعب بالهواء، وأزاح الشاب عيونه بعيداً عن الفتاة الجالسة قبالته في مؤخرة الباص إذ لا متعة في المعاكسة وتبادل النظرات حينما يكون الاثنان محتجزين في باص متوقف على حاجز. تراكم الملل ليغدو ضيقاً، والضيق حنقاً، والحنق غضباً. وعندما نجح الباص نهايةَ المطافِ في الاقترابِ من حاجز التفتيش، كان الجنديُّ المكلفُ بالتأكدِ من بطاقاتِ الهوية الشخصية منشغلاً في قضم تفاحةٍ بشراهةٍ تامة بحيث لم يكلف نفسه حتى عناء النظر في الهويات. عندها تجمدت عيون جميع الركّاب على تلك التفاحة، وتخيلوا أنفسهم ينتزعونها من يده، يرمون بها أرضاً، ويسحقونها تحت أقدامهم.