حين تغني فيروز تخشع هولندا

فيروز في أمستردام.. رغم الوضع المضطرب الذي نحيا فصوله، ورغم التصاق الجميع بنشرات الأخبار، إلا أن الخبر أخذ حيزاً كبيراً من الاهتمام، لا سيما لدى الشبابففيروز هي السلام والطمأنينة، هي الخبز والماء، هي افتتاح النهار بالأمل واختتامه بأمل آخر..

لا غرابة في أن يتصدر الخبر واجهة الأحداث، ويصبح حدثاً شعبياً بامتياز..

كان لهولندا شرف استضافة أمنا فيروز في مهرجان فنونها ضمن دورته الرابعة والستين، بعد ستة أعوام من الدعوات والمفاوضات.

الصحافة الأوروبية احتفلت بفيروز أيضاً واستغربت حضور الناس من عدة دول أوروبية وعربية رغم أن أسعار البطاقات «وصلت في السوق السوداء إلى 950 يورو». وحسب تلك الصحف كان الجمهور «متأثراً جداً برؤية فيروز»، أحدهم قال إن ظهور فيروز على المسرحكان «وكأن ملاكاً هبط من السماء»، وإنها لحظة «تقشعر لها الأبدان»، بل إن بعض الحاضرين أجهشوا بالبكاء تأثراً باللحظة الفيروزية الحارقةامرأة سورية جاءت خصيصاً للحفل قالت: «لا تقدر أن تتصور حياتها دون فيروز». أخرى لبنانية قالت إن فيروز في نظرها«هي رمز الوطن والدين ورمز الوحدة».

أكثر من 1700 شخص وقفوا في المسرح العريق، الذي تأسس عام 1887، وصفقوا بحرارة لصاحبة «الصوت المخملي»، البالغة من العمر 75 عاماً، والتي بالرغم من سنها المتقدمة لم تفقد شيئاً من رونق صوتها الملائكي المعهود وقوة أدائها على المسرح.

افتتحت الحفل بأغنية «سلملي عليه» من ألبوم «مش كاين هيك تكون».. وتبعته بأغانٍ كان التركيز فيها على أغانيها الجديدة التي صدرت العام الماضي في ألبوم «إيه في أمل»، ولكنها غنت أيضاً أغان أخرى من ألبومات صدرت لها بالتعاون مع ابنها زياد الرحباني.

الحضور الموسيقي لزياد الرحباني في الحفل تمثل أيضاً في فقرات موسيقية من تأليفه وتلحينهبعض هذه الفقرات اصطحبتها الجوقة المرافقة بالغناءالأوركسترا المؤلفة من 40 موسيقاراً أدت أداء ممتازاً يرقى إلى أداء أحسن فرق الأوركسترا الكلاسيكية العالمية.

وبعد أكثر من ساعتين قضتهما فيروز على المسرح، ودّعت الفنانة جمهورها بأغنية «بكرا برجع بوقف معكن». وبعد ما انتهت من الغناء، توارت فيروز خلف الستار، تاركة وراءها الجمهور الذي ظل واقفاً يصفق لها بحرارة أكثر من ربع ساعة بعد نزولها من على خشبةالمسرحمجموعات متفرقة من الحضور ألّفت جوقات غناء عفوية وراحت تردد وتغني أغان لفيروز بعد الحفل، الذي يقول البعض إنه قد يكون حفلها الأخير..

يتساءل الناقد الموسيقي بشير صفير الذي رافق فيروز وفرقتها في البروفات والحفل: «ماذا أحب الهولنديون، وبعضهم يسمع فيروز وموسيقى زياد والأخوين ربما لأول مرة؟ «وطى الدوار»، و«بعدنا»، و«الله كبير»، و«يا ريت»، و«قصة زغيرة كتير»؟ أم «ما شاورتحالي» و«عودك رنان» و«راجعة بإذن الله»؟ أم «سلملي عليه»؟ أم «إيه في أمل»؟ لن نعرف أبداًربّما مسّتهم تلك الخلاصة التي تُذرّ كالسحر في النفوس والآتية من عقود معتّقة من التعب والمواهب».