حمدلله ابراهيم حمدلله ابراهيم

مجانين عامودا.. وتصريحات «غليون»

 يقول اليوم أحد مجانين عامودا بما يشبه المناجاة:

«كم كنت رائعة يا عامودا عندما كنت تخرجين للمظاهرات بأعداد ضخمة، وتنادين بالحرية والعدالة والمساواة!.

كم كنت رائعة عندما رفعت شعار «واحد واحد واحد.. الشعب السوري واحد»، وطالبت بإعادة توزيع الثروة بين الناهبين والمنهوبين..

وكم زدت روعة عندما رفعت شعار «لا للطائفية.. لا للاستقواء على الشعب..  لا للتدخل الخارجي»..

وأصبحت ملكة الوحدة الوطنية عندما رفعت شعار «العرب والأكراد والآشوريين والأرمن إخوة في هذا البلد»..

ولكن لماذا لم تستطيعي المحافظة على هذه المكانة والرفعة، ولم تتمكني من تطوير شعاراتك بما يتناسب مع الواقع الذي نعيشه وحاجاته ومستجداته، فبدأنا نسمع فيك يا مدينتي الرائعة شعارات لا ناقة لنا ولك فيها ولا جمل، معظمها شتائم لا تليق بسمعة عامودا وأهلها، ويشم منها رائحة الطائفية؟..».

 

مجنون أصيل آخر يؤكد:

«لقد انحصر وتراجع عدد المتظاهرين في عامودا لأن قسماً منهم لم يجدوا في هذه المظاهرات ما يعبر تماماً عن مطالبهم، بل وسرعان ما انقسمت المظاهرات إلى ثلاثة أقسام: أحزاب، وشباب، وpyd (حزب الاتحاد الديمقراطي).. حاولنا توحيدهم لكن دون جدوى»..

ويضيف هذا المجنون موصفاً حال الحراك في البلاد عموماً:

الهجوم على هذا الحراك الشعبي السلمي، الذي هو في نظرنا حراك حقيقي وموضوعي ومحق ومشروع بكل ما تعني هذه الكلمات من معنى، تم شنّه من جهتين، واستخدم فيه كل صنوف الأسلحة!.

الجهة الأولى، من النظام، وبالتحديد من القوى المشبوهة في هذا النظام، وهي قوى النهب والفساد الكبرى، لأن هذه الجهة ستبقى ترى في الإصلاح الجذري الشامل خطراً على ثروتها الحالية والمستقبلية، وعلى نفوذها في السلطة، لذلك بدأت فوراً باستخدام الشبيحة ومتشددي الأمن والعملاء للقضاء على هذا الحراك منذ البداية..

أما الجهة الثانية فهي قوى المعارضة اللاوطنية، الموزعة هنا وهناك، والمتمثلة من خلال شعاراتها المفروضة على الحراك بصورة قسرية، ومن خلال أذرعها الضاربة، أي الميليشيات الطائفية الدموية، خاصة في المنطقة الوسطى والشمالية من سورية، وأهدافها إقامة مناطق عازلة أو ممرات إنسانية أو مناطق حظر طيران أو التمهيد والتجهيز لعمل عسكري محدود أو واسع ضد البلاد وأرضها وسيادتها.. والغاية الأساسية من هذا الهجوم المزدوج من كلتا الجهتين، إما إبقاء الحال كما هي ليستمروا بالنهب والفساد والقمع، أو الوصول إلى حرب أهلية طائفية تمهد وتستدعي تدخلاً خارجياً في سورية، لأنه إذا لم يحدث ذلك فليس لهذه القوى مكان في بلدنا..

والمدهش أنه إذا نظرنا إلى الجهتين الأولى والثانية نرى أن معلمهما واحد في المحصلة، وهدفهما واحد، وهو القضاء على هذا الحراك، لذلك فإنهم استخدموا ويستخدمون ضده مختلف صنوف الأسلحة..

 

يقول مجنون آخر:

قبل أن نعاتب بعض الشباب الذين رفعوا عن غير إدراك، بعض الشعارات التي لا تليق بهذا الحراك لأنهم متحمسون وقليلو الوعي والتجربة، علينا أن نتنبه لمن هم أخطر، فالجريمة تكمن في التصريحات التي يرددها الكثير من «المعارضين» كل يوم تحت زعم دعم الثورة ومناصرتها.. ولعل أهمها ما ورد مؤخراً على لسان برهان غليون عندما تحدث عن الأكراد في سورية، ووصفهم بأنهم «مهاجرون» وليسوا من سكان سورية الأصليين، وإنهم مثل «الغجر والأفارقة» في فرنسا، وبعد رد الفعل من جانب الجماهير والأحزاب الكردية على هذا التصريح السيئ تراجع عن موقفه، وادعى بأنه لم يقل ذلك أبداً!!.. وفي تصريح آخر يقول: لا يحق لأفراد «الطائفة العلوية» شغل وظائف الجيش والأمن في سورية المستقبل!! ثم ما لبث أن تراجع عن ذلك أيضاً!!.

«نورت المحكمة يا غليون» بالعذر من عادل إمام، وهل هذه التخبطات تليق بمن يحاول أن يطرح نفسه كرجل سورية المستقبل، سورية الديمقراطية، أم أن الكذب والزيف سرعان ما تفضحه المحكّات والأيام؟!.

يبادر مجنون آخر فيقول: إن برهان غليون، وبعد أن وقع اتفاقاً مع هيثم المناع مساء، وتراجع عنه في صباح اليوم التالي يذكّرني بحكاية معروفة جرت في عامودا منذ سنين.. فقد كان في مدينة عامودا محل لبيع ألعاب الأطفال، صاحبه رجل طويل القامة نحيف القد، له شاربان طويلان يعودان لأيام السفر برلك، اسمه «علي بك».. وقد كان ذا مكانة محترمة في المدينة، أجبره الزمن على هذا العمل رغم أنه كان كبيراً في السن ويناهز السبعين.. «علي بك» هذا، عندما كنت تسلم عليه يرد عليك التحية بأحسن منها، وعندما تسأل عن الأحوال يحمد ربه آلاف المرات، ولكن عندما تسأله عن العمل يقول بحسرة: «الحمد لله، أنا أبيع الأطفال من الصبح حتى الظهر بالدَّين، ومن الظهر حتى المغرب يأتي ذوو الأطفال ويرجعون ما اشتراه أولادهم!! هكذا هي حالتي».. ويبدو أن سياسيينا في هذا الزمن أيضا صاروا مثل علي بك،  يبيعون الكلام  قبل الظهر، وبعد الظهر يعتذرون عن ذلك الكلام، أو ينكرون ما قالوه.. والسلام..

■■