العقوبات والمعونات.. «مسرح» عبثي!
سياسة العصا والجزرة، هكذا تبدو ثنائية العقوبات والمعونات «الدوليتين». هما ظاهرتان، وإن بدتا على طرفي نقيض، إلا أنهما يتعاقبان كالليل والنهار، ويترافقان أحياناً كثيرة، فيأتي «كرم» المعونة متمماً لـ«دعمنا» بالعقوبات..
يمكن اختزال الغاية من مسرحية «العقوبة - المعونة» العبثية، ذات السيناريو الدولي المتقن، بأنها تضييع للحدود وتخلط الأوراق. تتلطى «العقوبة» تحت ذريعة دعم الشعوب في مطالبها وشعاراتها، تأتي «المعونة» لتكمل حلقات الدراما الدولية، بشعارات برّاقة كإنقاذ أولئك الجياع في العالم السفلي..
تصبح دول الرأسمال العالمي «مخلّصاً» في كلتيهما الحالتين. وتبدو تلك الدول، ومن يعمل تحت لوائها كما المنتصر لتلك الشعوب، فيصبح المستغل والناهب هو ذاته سبيل النجاة.
كانت ذريعة الغرب في حصاره لسورية، هي «الضغط» على النظام لـ«إسقاطه»، لكن في الواقع ما فعلته أنها زادت مآسي الشرائح الفقيرة من السوريين. والمفارقة هنا أن «المعونات» التي خصصها الغرب لمن جوّعهم، باتت اليوم تجري بتنسيق بين المتقاتلين، فالمنظمات غير الحكومية الأوربية (NGOs) باتت تعمل جهاراً نهاراً بين السوريين، وبتسهيل حكومي واضح. ولا تكمن المشكلة أبداً في إغاثة الشعب السوري، فهذا الأمر بات مطلوباً أكثر من ذي قبل نظراً لحجم الكارثة المأساوي التي باتت تصيبه، بل تكمن المشكلة في أن هذا النشاط يحمل الكثير من الشبهات، ويضع الكثير من الأسئلة، إذ يشير المتابعون إلى أن معظم نشاطات تلك المنظمات «الإغاثية» يجري خارج المكان الحقيقي للإغاثة، في قطاعات التربية والموسيقى والثقافة... فأهلاً!
ما يبدو خلف «الإغاثة» أن عمليات شراء للذمم جديدة تجري اليوم في سورية، وبمباركة الفاسدين الذين مازالوا يحملون الحنين إلى «العلاقة الطيبة» مع «العالم المتحضر». ولم لا؟! ألم تكن تغدق تلك العلاقة الخيرات إلى جيوب البعض أيام الدردرة الليبرالية. وإذا عدنا إلى الوراء نجد الكثير من الشواهد على مدى رسوخ «شهر العسل» بين بعض الفاسدين والغرب في مرحلة ما قبل انفجار الأزمة.
ألم تكن خيوط «المؤامرة» العالمية واضحة بالنسبة لأولئك الفاسدين آنذاك..!؟ أم أن المؤامرة باتت واضحة بعد انقطاع تلك «الأموال والحسنات» على بعض مدعي الوطنية خلال سنين الأزمة..؟
معونة، مساعدة، تعويض.. الخ تبدو مخرجات النظام الدولي ومنشآته المحلية المرتبطة جاهزة وهي وإن اختلفت مسمياتها أو عناوينها تحت منظمات ومؤسسات مختلفة فإن هدفها الوحيد هو مسك العصا وإشهار الجزرة، وما على المتلقي سوى الانتظار..