موسيقا أناشيد السماء
تحركت أيادي العازفين، في الصف الأول من عازفي الأوركسترا في حركة واحدة على كماناتهم، في انسجام بديع، ممتع بصرياً بما يوازي المتعة السمعية للموسيقا الحاضرة في الروح.
هكذا انطلقت مشاعر ملايين المستمتعين بالتغييرات الحاصلة في الآونة الأخيرة، في حركة قوس كمان متناغمة رافضة لحالة القهر التي لم تعد ضمن نطاقات الممكن من الاحتمال، في تنويعات متباينة لعازفي الآلات جميعها، بين حمى روح الفكاهة العالية التي انتابت الآلاف، والتعاطي الجماعي للمهدئات والمنومات ومضادات الاكتئاب، والرغبة الجماعية في تغيير حقيقي، وشعور عارم بالعجز، أو محاولة التفاؤل بأمل جديد نرى بصيصاً له في مستقبل يبدو قريباً.
ويأتي من لم ينتبه إلى ماهية النوتة المعزوفة، ويعزف لحناً نشازاً، يتأرجح بين الفردية والجماعية في لعبة (يَعتقد أنها مدروسة)، يرمي بثقل التغيير على الفرد تارة، ويحمله للمؤسسات تارة أخرى.
تضطر الفرقة السيمفونية أمام هذا المنشز إلى رفع أصوات آلاتها عالياً، أعلى فأعلى، يحاول العازف المنفرد ذاك رفع صوت آلته أكثر فأكثر، فتزداد بشاعةً، وتبتعد عن الأذن لتصبح كصوت ذبابة ملحٍّ، مزعج جداً لكنه لا يستطيع تغيير مجرى سيمفونية كبير تعزف بكامل انسجامها لحناً قادراً على صنع الحياة.
يستخدم كل الخدع المسموحة والممنوعة، يقفز فوق المسرح، يلعب ألعاب الخفة، يرمي آلته في الهواء، ينخفض صوت الموسيقا معلنا، حالة جديدة، حركة جديدة في السيمفونية، تسوقنا إلى مسار مستقر هادئ ينبينا بسلام في روحنا، تغنيه موسيقا أناشيد السماء التي نعزفها.