تجليات مشهدية لمنحوتات ريفية

تجليات مشهدية لمنحوتات ريفية

في المعرض الثلاثي للنحت المقام في جديدة عرطوز في الرابع عشر من تشرين الأول هذا، وتحت رعاية محافظة ريف دمشق قدم النحاتون الثلاثة سميح الباسط وفادي عبد الهادي ومحمد بعاج، رؤية للنحت بتجليات متنوعة، قدموا الأغنية والشجرة والموال التفاح والعنب والتين والأزهار تلك التي تنبت تحت وارف من ظلال الحب التي يبذخها أهل ريف دمشق.

في باحة ذات فسحة سماوية كبيرة أقرب ما يكون إلى معرض في الشارع، قدم النحاتون الثلاثة عرضاً جذب الجمهور، ليس فقط من خلال الدعوات المسبقة بل لأنه جلب النحت أمام أعين الناس وليس في الصالات المغلقة، قدمه أمامهم في الشارع، فأتى النحت إليهم وقابلوه ههنا.
قدم الفنان فادي عبد الهادي عدة تجارب منها ما هو تجريدي جسد فيه الملائكة والشياطين، وتجربة كيفية خروج الفكر من الذهن على شكل أنثى، وتمثال للشهيد وحبيبتي في سرير الحناء وآرام، تجسدت لغته في الخشب مع تنوع في أنواعه حسب الحالة.
تتميز تجربة فادي عبد الهادي بالتنوع والغنى دون الاستغناء عن عناصر الفن الشعبي، فتترافق الأنثى مع الخيل، والعمارة مع الإنسان، ويبدو متأثراً بفن ما قبل التاريخ في سورية القديمة، بشكل واعٍ وفطري في آن معاً.
كما قدم الفنان سميح الباسط تجربة متنوعة من النحت المعدني الأقرب إلى التجريد رغم وضوح عناصر البيئة فيه من قمح وأشرعة، مضافاً إليها لوحات زيتية ومائية تظهر غنى تجربته.
وأتحفنا الفنان محمد بعاج المعروف بابتعاده عن المعارض عموماً، بمفاجآت قل لها نظير من التجريد الحروفي في النحت لفلسطين والعراق والوحش الأمريكي، وتسيد لحالات من الوجد عالي الإنسانية، وعالي الاحترافية بالوقت نفسه ، عمل النحات محمد بعاج على الحجر بالليونة نفسها التي عمل بها على الخشب، في نوع من نقل الأفكار بطريقة سلسة ومحببة إلى الناس.
من الأمور اللافتة في المعرض إقبال الأطفال بشكل عفوي من الشارع على المشاهدة وإبداء الآراء والتعليقات في شوق متعطش للجمال والفكر ضمن التوتر العام الذي نشهده، يبدو أننا أمام نوع من الحياة ضمن الحرب في تذكير بأننا نعشق الحياة ما استطعنا إليها سبيلا.