هواجس ليلة داعشيّة..
انتهى الشهر، ولم يأت الراتب بعد.. لابد من السفر إلى الدير لقبضه، فمنذ هُجِرت مع زوجها وأولادها قبل سنتين ونيف..وهم غارقون في دوامة الأزمة، لكن في الفترة الأخيرة أصبح السفر مرعباً بعد أن اتسعت سيطرة داعش،وكثرت حواجزها،وازدادت ممارساتها..والحكايات عنها كثيرة، تشيب الرأس..
ازدادت الكوابيس التي تراودها ليلاً.. ولاحقتها الهواجس.«لن أسافر.. لكن كيف يمكن أن نعيش؟»فراتب زوجها لا يسُدّ إلاّ جزءاً بسيطاً من حاجة اللقمة الأخيرة.. «أسافر..»مع أن تكاليف السفر تستهلك ثلث الراتب ذهاباً وإياباًفي حال سافرت بمفردها،وهذه ليست المشكلة الوحيدة، إذ لا بدّ من وجود محرم، مع سيطرة داعش.حسناً، هذه صار حلّها ممكناً الآن مع اقتراب موعد الدورة التكميلية للشهادة لابنها الثاني. يبقى امتهان الكرامة وإمكانية التعرض للاحتجاز والسبي هو الأكثر خطورةً،وليس من شهريار واحدٍ فقط.. بل العشرات منهم،جاؤوا من كل بؤر الإرهاب في المعمورة ومن كلّ فجّ عميق، يمارسون القتل والتشويه والسّبي.. وأشياء أخرى أكثر رعباً.. هكذا كانت «شهرزاد السورية» تحدّث نفسها..وتسِرّ لزوجها وللمقربين..
في ليلة السفر، أمضت ساعات وهي تتعلم لفّ الخمار الأسود على رأسها خفية، وعندما فتح أولادها الصغار باب غرفتها، خافوا إذ اعتقدوا أنها أحد الأشباح التي يشاهدون أفلاماً كثيرة عنها في التلفاز.ثُمّ صاروا يتضاحكون من منظرها.
قال لها زوجها ممازحاً: اللباس وتعلمت كيفية لبسه..لكن ماذا ستفعلين إذا سألوك عن أي شيء من خزعبلاتهم، ماذا ستقولين وكيف ستتصرفين؟ صمتت قليلاً ثمّ أجابت: أتظاهر بأنني خرساء..
سكتت شهرزاد عن الكلام، ولملمت بقية أغراضها، في انتظار الصباح، لعل وعسى..