«بيت بلا شرفات».. مسرح بلا شرفات
يضطر الجمهور الذي أدمن عشق المسرح وحضور العروض المسرحية أن يتدافع مع جمهور المهرجانات المخملي.. يضطر أن يتنافس مع من تبقى منه خارج الأبواب على المقاعد القليلة المتبقية شاغرة.. يضطر أن يخفي استخفافه باعتداده الأجوف بملابسه
المستوردة وعطوره الثمينة.. يضطر أن يقبل بتصفيقه بعد بدء العرض بسبب أو دون سبب.. يضطر أن يستمع لتعليقاته وثرثراته طوال فترة العرض.. يضطر أن يتحمل ردود فعل أطفاله الذين يشكون من العتمة ويتذمرون من الإطالة ويخافون من تصاعد الإيقاع الموسيقي والدرامي.. يضطر، بعد ذلك كله، أن يصارع الإحباط الشديد إذا كان العرض رديئاً ولا يستأهل كل ما تحمّله من اضطرار.. والمفارقة، أنه سيضطر بحكم الأمل العصي على اليأس، أن يستمر في حضور العروض المسرحية، رغم أن المسرح ما فتئ يتهاوى منذ سنين طويلة..
في «بيت بلا شرفات»، وهو أحد عروض مهرجان دمشق المسرحي الأخير الذي جاء مخيباً، اضطر الجمهور المسرحي بالإضافة إلى كل الاضطرارات السابقة، أن يتحمل ألعاباً لا تحدث عادة إلا في بعض العروض الرخيصة، وهي قيام أشخاص محددين مسبقاً بالتصفيق في منعطفات محددة محفزين البقية على الاقتداء بهم، لخلق وهم أن العرض قوي ومؤثر ويلاقي استحسان الجمهور، انطلاقاً من قناعة صحيحة فعلياً، وهي أن قسماً كبيراً من جمهور المهرجانات، قد لا يستطيع التمييز بين جيد المسرح ورديئه.. وقد نجح شكلياً بذلك، تاركاً الممتعضين من رداءة العرض نصاً وأداءً وإخراجاً... مشدوهين..